[hadith]التذکیر بضُروب النعم

:

جَعَلَ لَکُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِیَ مَا عَنَاهَا وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا وَ أَشْلَاءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا مُلَائِمَةً لِأَحْنَائِهَا فِی تَرْکِیب صُوَرِهَا وَ مُدَد عُمُرِهَا بأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بأَرْفَاقِهَا وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرْزَاقِهَا فِی مُجَلِّلَاتِ نِعَمِهِ وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ وَ حَوَاجِز عَافِیَتِهِ، وَ قَدَّرَ لَکُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْکُمْ وَ خَلَّفَ لَکُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِینَ قَبْلَکُمْ مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلَاقِهِمْ وَ مُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَایَا دُونَ الْآمَالِ وَ شَذَّبَهُمْ عَنْهَا تَخَرُّمُ الْآجَالِ، لَمْ یَمْهَدُوا فِی سَلَامَةِ الْأَبْدَانِ وَ لَمْ یَعْتَبرُوا فِی أُنُفِ الْأَوَانِ.[/hadith]

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 391

الفصل الخامس:

جعل لکم أسماعا لتعی ما عناها، و أبصارا لتجلو عن عشاها، و أشلاء جامعة لأعضائها، ملائمة لأحنائها، فی ترکیب صورها، و مدد عمرها، بأبدان قائمة بأرفاقها، و قلوب رائدة لأرزاقها، فی مجلّلات نعمه، و موجبات مننه، و حواجز عافیته، و قدّر لکم أعمارا سترها عنکم، و خلّف لکم عبرا من آثار الماضین قبلکم من مستمتع خلاقهم، و مستفسح خناقهم، أرهقتهم المنایا دون الآمال، و شذّبهم عنها تخرّم الآجال، لم یمهّدوا فی سلامة الأبدان، و لم یعتبروا فی أنف الأوان.

اللغة:

(عنیته) عنیا من باب رمی قصدته و عناه الأمر أهمّه و (عشی) عشا من باب تعب ضعف بصره و أبصر نهارا و لم یبصر لیلا فهو أعشا و المرأة عشواء و (الأشلاء) جمع الشّلو مثل أحمال و حمل و هو العضو و قال فی القاموس الشّلو بالکسر العضو و الجسد من کلّ شی ء.

و (الحنو) بالفتح و الکسر کلّ ما فیه اعوجاج من البدن کعظم الحجاج و اللّحی و الضلع و من غیره کالقف و الحقف و کلّ عود معوج فی القتب و الرحل و السّرج و الحنو أیضا الجانب و عن النهایة ملائمة لا حنائها إی معاطفها و (الرّفق) النّفع یقال ارتفقت به ای انتفعت و قال فی القاموس: الرّفق بالکسر ما استعین به، و یروی بارماقها بدل بارفاقها و هو جمع الرمق بقیّة الرّوح.

و (مجلّلات النعم) ما تعم الخلق من جلل الشی ء تجلیلا أی عم، و منه السحاب المجلّل و هو الذی یجلّل الأرض بماء المطر أی یعمه و فی حدیث الکافی و العیون الامام کالشّمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم و (المستمتع) اسم مکان من استمتعت بکذا انتفعت به و (الخلاق) بالفتح النّصیب و (المستفسح) محلّ الفسحة و هی السّعة (و الخناق) ککتاب الحبل الذی یخنق به یقال خنقة یخنقه خنیقا ککتف إذا عصر حلقه حتّی یموت فهو خانق و خناق، و ربّما یطلق الخناق علی الحلق یقال اخذه بخناقه و مخنقه أی بحلقه.

و (أرهقت) الشّی ء أدرکته و أرهقت الرّجل أمرا یتعدّی إلی مفعولین أعجلته و کلفته حمله و (الأنف) بضّمتین أوّل الأمر

الاعراب:

لفظة عن فی قوله لتجلو عن عشاها إمّا زایدة أو بمعنی بعد کما جوزه الشّارح المعتزلی مستشهدا بقول الشّاعر لعجب حرب وائل عن حیال ای بعد حیال فیکون قد حذف المفعول و التّقدیر لتجلو الاذی بعد عشاها، و الأظهر ما قاله الشارح


 (1) الشطاط کسحاب و کتاب القامة و حسن القوام.

 (2) ضن ضنا من باب رضی مرض مرضا محامرا کلّما ظن ببرئه نکس.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 394

البحرانی من أنّ عن لیست بزایدة لأنّ الجلاء یستدعی مجلوا و المجلوّ عنه فذکر المجلوّ و أقامه مقام المجلوّ عنه فکانّه علیه السّلام قال لتجلو عن قواها عشاها، و فی ترکیب صورها متعلّق بملائمة، و قوله: بأبدان متعلّق بجعل و الباء للمصاحبة، و الباء فی بأرفاقها للصّلة و علی روایة بأرماقها إمّا للسّببیّة أو للاستعانة.

و قوله فی مجلّلات نعمه متعلّق بمقدّر حال من فاعل جعل أو من ضمیر الخطاب فی لکم أی جعل لکم الأسماع حالکونکم فی مجلّلات نعمه، و من مستمتع خلاقهم بیان للعبر، و دون فی قوله دون الآمال بمعنی عند، و جملة لم یمهدوا فی محلّ النّصب علی الحال من مفعول أرهقتهم.

المعنی:

اعلم أنّ صدر هذا الفصل تذکیر لعباد اللّه بضروب نعم اللّه سبحانه و منّته علیهم و تنبیه علی الغایة من تلک النّعم، و ذیله مسوغ لبیان حال السّلف لیعتبر به الخلف فقوله علیه السّلام استخدام (جعل لکم أسماعا لتعی ما عناها و أبصارا لتجلو عن عشاها) إشارة إلی النّعمتین العظیمتین اللتین أعطاهما اللّه سبحانه لخلقه مع الاشارة إلی ما هو الغرض منهما.

فالمقصود أنّه سبحانه خلق لانتفاعکم قوّة سامعة لتحفظ ما أهمّها و قوّة باصرة لتجلو العشا عن الابصار، فعلی هذا یکون قوله و أبصارا اه من باب الاستخدام حیث ارید بالابصار القوّة و بضمیر عشاها الراجع إلیه العضو المحسوس المخلوق من الشّحم المرکب من السّواد و البیاض، فبتلک القوة حصل له الادراک و الابصار بعد ما لم یکن فی نفسه مبصرا مدرکا فکانت جلاء عن عشاها.

و یوضح ذلک ما رواه فی البحار من المناقب لابن شهر آشوب مما أجاب الرّضا علیه السّلام بحضرة المأمون لضباع بن نصر الهندی و عمران الصّابی عن مسائلهما قال عمران: العین نور مرکبة أم الرّوح تبصر الأشیاء من منظرها؟ قال علیه السّلام: العین شحمة و هو البیاض و السّواد و النّظر للرّوح دلیله إنک تنظر فیه و تری صورتک فی وسطه و الانسان لا یری صورته إلّا فی ماء أو مرآة و ما اشبه ذلک.

قال ضباع إذا عمیت العین کیف صارت الرّوح قائمة و النظر ذاهب؟ قال علیه السّلام کالشّمس طالعة یغشاها الظلام، قالا: أین تذهب الرّوح؟ قال علیه السّلام، أین یذهب الضوء الطالع من الکوة فی البیت إذا سدّت الکوة، قالا: أوضح لنا ذلک، قال علیه السّلام الرّوح مسکنها فی الدّماغ و شعاعها منبثّ فی الجسد بمنزلة الشمس دارتها «1» فی السّمآء


 (1) قال فی القاموس الدار المحلّ یجمع البناء و العرصة کالدارة و فی المصباح الدارة دارة القمر و غیره سمّیت بذلک لاستدارتها منه.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 396

و شعاعها منبسط علی الأرض فاذا غابت الدّارة فلا شمس و إذا قطعت الرّاس  «1» فلا روح.

فانّ غرض السّائل أنّ المدرک هو العضو أمّ الرّوح تبصر الأشیاء و هذا منظره، فاختار علیه السّلام الثانی و علله بأنّ العضو مثل سایر الأجسام الصقیلة یری فیها الوجه کالماء و المرآة فکما أنّها لیست مدرکة لما ینطبع فیها فکذا العین و غیرها من المشاعر هذا.

و قد اشیر إلی منافع السمع و البصر و بعض حکمهما فی حدیث المفضل المعروف عن الصادق علیه السّلام حیث قال:

انظر یا مفضّل إلی هذه الحواس الخمس التی خصّ بها الانسان فی خلقه و شرف بها علی غیره کیف جعلت العینان فی الرّأس کالمصابیح فوق المنارة لیتمکّن من مطالعة الأشیاء و لم تجعل فی الأعضاء التی تحتهنّ کالیدین و الرّجلین فتعرضها الآفات و یصیبها من مباشرة العمل و الحرکة ما یعلّلها و یؤثّر فیها و ینقص منها، و لا فی الأعضاء التی وسط البدن کالبطن و الظهر فیعسر تقلّبها و اطلاعها نحو الأشیاء.

فلمّا لم یکن لها فی شی ء من هذه الأعضاء موضع کان الرأس أسنی المواضع للحواسّ و هو بمنزلة الصّومعة لها، فجعل الحواسّ خمسا تلقی خمسا لکیلا یفوتها شی ء من المحسوسات فخلق البصر لیدرک الألوان فلو کانت الألوان و لم یکن بصر یدرکها لم یکن فیها منفعة.

و خلق السّمع لیدرک الأصوات فلو کانت الأصوات و لم یکن سمع یدرکها لم یکن فیها ارب و کذلک سایر الحواسّ. ثمّ یرجع هذا متکافئا فلو کان بصر و لم یکن الألوان لما کان للبصر معنی، و لو کان سمع و لم یکن أصوات لم یکن للسّمع موضع فانظر کیف قدر بعضها یلقی بعضا فجعل لکلّ حاسة محسوسا یعمل فیه و لکلّ محسوس حاسّة تدرکه.


 (1) الرأس مذکر و تأنیث الفعل کانه لاشتماله علی الاعضاء الکثیرة ان لم یکن من تحریف النساخ، بحار.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 397

و مع هذا فقد جعلت أشیاء متوسّطة بین الحواس و المحسوسات لا یتمّ الحواسّ إلّا بها کمثل الضیاء و الهواء فانّه لو لم یکن ضیاء یظهر اللون للبصر لم یکن البصر یدرک اللون، و لو لم یکن هواء یؤدّی الصّوت إلی السّمع لم یکن یدرک الصوت فهل یخفی علی من صحّ نظره و اعمل فکره انّ مثل هذا الذی وصفت من تهیئة الحواس و المحسوسات بعضها یلقی بعضا و تهیئة أشیاء اخر بها یتمّ الحواسّ لا یکون إلّا بعمد و تقدیر من لطیف خبیر؟

فکّر یا مفضل فیمن عدم البصر من النّاس و ما یناله من الخلل فی اموره فانّه لا یعرف موضع قدمه و لا یبصر ما بین یدیه فلا یفرق بین الألوان و بین المنظر الحسن و القبیح فلا یری حفرة إن هجم علیها و لا عدوّا إن هوی إلیه بسیف، و لا یکون له سبیل إلی أن یعمل شیئا من هذه الصّناعات مثل الکتابة و التّجارة و الصّیاغة حتّی أنّه لو لا نفاد ذهنه لکان کالحجر الملقی.

و کذلک من عدم السّمع یختلّ فی امور کثیرة فانّه یفقد روح المخاطبة و المحاورة و یعدم لذّة الأصوات و اللحون الشّجیة المطربة، و تعظم المؤنة علی النّاس فی محاورته حتّی تبرّموا به و لا یسمع شیئا من اخبار النّاس و أحادیثهم حتّی یکون کالغایب و هو شاهد و کالمیّت و هو حیّ.

کنایه و قوله (و أشلاء جامعة لاعضائها) الظاهر أنّ المراد بالشّلو هنا العضو و لیس کنایة عن الجسد کما زعمه البحرانی إذا لأبدان مذکورة بعد ذلک فیلزم التکرار مع أنّ ارادة الجسد علی تقدیر صحّتها لا حاجة فیها إلی الکنایة لما قد عرفت من اشتراکه لغة بین الجسد و العضو.

فان قلت: إرادة العضو ینافیها قوله علیه السّلام جامعة لأعضائها، إذ الشی ء لا یجمع نفسه.

قلت: یمکن توجیهه بما وجّهه الشّارح المعتزلی من جعل المراد بالأشلاء الأعضاء الظاهرة و بالأعضاء الأعضاء الباطنة و لا ریب أنّ الأعضاء الظاهرة تجمع الأعضاء الباطنة (ملائمة لأحنائها فی ترکیب صورها و مدد عمرها) أی جعل الأعضاء مناسبة

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 398

موافقة للجهات و الجوانب التی جعلت فیها ملائمة لها فی صورها الترکیبیّة.

مثلا جعل الیدین فی الیمین و الیسار أنسب من کونهما فی الرّأس، و کون العینین فی الرّأس أولی من کونهما فی الظهر أو البطن و کذلک کون ثقب الأنف فی أسفله أنسب و أحسن من کونه فی أعلاه، و کون المثانة و المعدة فی أسافل البدن ألیق و هکذا و قد مرّ حکمة بعض ذلک فی روایة المفضّل و ستعرف البعض فی التّبصرة الآتیة مضافا إلی الحسن و البهجة و الالتیام و المناسبة المقرّرة فی هذه الصّور المجعولة ألا تری أنّ من لم یکن له حاجب فوق عینه أو سقطت الأشفار من طرف عینه کیف یکون قبیح الصّورة کریه المنظر، و هکذا سایر الأعضاء، هذا کلّه لو کان الحنوفی کلامه بمعنی الجانب و الجهة، و لو جعلناه بمعنی العضو المعوج فیکون المراد أنّه تعالی جعل الأعضاء المستقیمة من البدن ملائمة للأعضاء المعوّجة فی صورها المرکبة فلا یناسب المستقیمة موضع المعوّجة و لا المعوّجة موضع المستقیمة و لا یصادم حسن الاستقامة للاعوجاج و لا الاعوجاج للاستقامة، إذ کلّ منهما فی موقعهما حسن و أحسن فتبارک اللّه أحسن الخالقین.

و أمّا قوله علیه السّلام: و مدد عمرها، فالظاهر أنّه أراد به أنّ اللّه جعل مدد عمر کلّ من الأعضاء ملائمة للآخر مقارنة له بحیث لا یفنی بعض الأعضاء قبل فناء الآخر فیکون الکلام محمولا علی الغالب فافهم.

و قوله علیه السّلام (بأبدان قائمة بأرفاقها و قلوب رائدة لأرزاقها) أی قائمة بمصالحها و منافعها أو أنّ قوامها باستعانة أرواحها علی الرّوایة الاخری السّالفة فی بیان اللغة و قلوب طالبة لأرزاقها جالبة لها إلیها.

و الضمیر فی أرزاقها یحتمل رجوعه إلی الأبدان و رجوعه إلی نفس القلوب، و علی الأوّل فالمراد بالرّزق الرّزق الجسمانی، و علی الثّانی فالمراد به الرزق الرّوحانی أعنی العلوم الحقّة و المعارف الشرعیة و العقائد الالهیّة الموجبة للسّعادة فی الدّارین، و المحصلة للعزّة فی النّشأتین، فانّ القلب هو الطالب الجالب لتلک الأرزاق إلی نفسها کما أنّه هو الطالب الجالب للأرزاق إلی البدن و لو بتوسط الآلات البدنیّة.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 399

إذ هو العالم باللّه، و هو المتقرّب إلی اللّه، و هو المحصّل لرضوان اللّه، و هو السّاعی إلی اللّه، و هو المکاشف بما عند اللّه، و هو فی الحقیقة سلطان مملکة البدن یستخدم الآلات و الجوارح یأمرها و ینهیها و یستعملها استعمال المالک لعبده و السّلطان لرعیّته، و تحقیق ذلک موقوف علی شرح حال القلب و معرفة عجائب صفاته.

فأقول: إنّ القلب کما حقّقه الغزالی یطلق علی معنیین:

أحدهما اللحم الصّنوبری الشّکل المودع فی الجانب الأیسر من الصّدر، و هو لحم مخصوص و فی باطنه تجویف و فی ذلک التجویف دم أسود هو منبع الرّوح و معدنه، و هو بهذا المعنی موجود للانسان و الحیوان و الحیّ و المیّت، و مرئی بحسّ العیان و یدرکه الحیوان بحاسّة البصر کما یدرکه الانسان و لا یتعلّق به غرضنا فی المقام.

الثّانی هو جوهرة لطیفة ربّانیّة نورانیّة روحانیّة لها تعلّق بالقلب الجسمانی الذی ذکرناه و هی حقیقة الانسان و بها تمامه و کماله و هو المدرک العالم العارف و هو المخاطب و المطالب، و له جنود و أعوان و أنصار فمن تلک الجنود ما یری بالأبصار کالأعضاء الظاهرة من الید و الرّجل و العین و الاذن و اللسان و نحوها، و ما لا یری بالابصار کالحواس الباطنة و الشّهوة و الغضب و نحوها، فجمیعها خادمة للقلب منقادة لحکمه مسخّرة له و قد خلقت مجبولة علی طاعته لا تستطیع له خلافا و لا علیه تمرّدا.

فاذا أمر العین بالانفتاح انفتحت و بالانطباق انطبقت و الرّجل بالحرکة تحرّکت و بالسّکون امتثلت و اللسان بالکلام تکلّم و بالسّکوت أمسک، و کذا سایر الأعضاء.

و إنّما افتقر إلی هذه الجنود من حیث افتقاره إلی المرکب و الزّاد لسفره الذی یجب له سلوکه و لأجل مسیره خلق، و هو السّفر إلی اللّه و قطع المنازل إلی لقائه و مرکبه البدن و زاده المعرفة و الأسباب التی توصله إلی الزّاد و تمکّنه من التّزوّد هو العمل الصالح.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 400

فلیس یمکن العبد أن یصل إلی اللّه ما لم یسکن البدن و لم یجاوز الدّنیا، فانّ المنزل الأدنی لا بدّ من قطعه للوصول إلی المنزل الأقصی، فالدّنیا مزرعة الآخرة و هی منزل من منازل الهدی و إنّما سمّیت الدّنیا لکونها أدنی المنزلتین فاضطرّ إلی أن یتزوّد من هذا العالم.

فالبدن مرکبه الذی یصل به إلی هذا العالم فافتقر إلی تعهّد البدن و حفظه و إنّما یحفظ البدن بأن یجلب إلیه ما یوافقه من الغذاء و یطلب له ما یناسبه من الرّزق و أن یدفع عنه ما ینافیه و یضارّه من أسباب الهلاک، فافتقر لأجل جلب الغذا إلی جندین باطن و هو الشّهوة، و ظاهر و هو الأعضاء الجالبة للغذا من الید و نحوها.

فخلق فی القلب من الشّهوات ما کان محتاجا إلیه و خلقت الأعضاء لکونها آلة للشّهوة و افتقر لأجل دفع المضارّ و المهلکات أیضا إلی جندین: باطن و هو الغضب الذی به یدفع المهلکات و ینتقم من الأعداء و ظاهر و هو الجوارح التی بها یعمل بمقتضی الغضب من الید و الرّجل و نحوهما.

ثمّ المحتاج إلی الغذا ما لم یعرف الغذا لم یحصل له شهوة الغذاء فافتقر للمعرفة إلی جندین، باطن و هو إدراک السّمع و البصر و الشّم و اللمس و الذّوق، و ظاهر و هو العین و الاذن و الأنف و غیرها.

فجملة جنود القلب منحصرة فی ثلاثة أصناف: صنف باعث و مستحثّ إمّا إلی جلب النّافع الموافق کالشهوة، و إمّا إلی دفع الضار المنافی کالغضب، و قد یعبّر عن هذا الباعث بالارادة، و الصّنف الثّانی هو المحرّک للأعضاء إلی تحصیل هذه المقاصد و یعبّر عنه بالقدرة و هی مبثوثة فی سایر الأعضاء لا سیّما العضلات منها و الأوتار، و الصّنف الثّالث هو المدرک المتعرف للأشیاء کالجواسیس و هی قوّة البصر و السّمع و الشمّ و الذّوق و اللمس المبثوثة فی الأعضاء المعیّنة و قوّة التخیل و التّحفظ و التفکر و نحوها المودعة فی تجاویف الدّماغ.

و هذه کلّها ممّا قد أنعم اللّه بها علی سایر أصناف الحیوان سوی الآدمی إذ

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 401

للحیوان أیضا الشّهوة و الغضب و الحواس الظاهرة و الباطنة فکلاهما شریکان فیها و إنّما اختصّ الانسان بما لأجله عظم شرفه و علا قدره و استأهل القرب.

و هو راجع إلی علم و إرادة أمّا العلم فهو العلم بالامور الدّنیویّة و الاخرویّة و الحقائق العقلیة و هذه امور وراء المحسوسات و لا یشارکه فیها الحیوانات بل العلوم الکلیّة الضّروریّة من خواص العقل إذ یحکم الانسان بأنّ الشّخص الواحد لا یتصوّر أن یکون فی مکانین فی حالة واحدة، و هذا حکم منه علی کلّ شخص و معلوم أنّه لم یدرک بالحسّ إلّا بعض الأشخاص فحکمه علی الجمیع زاید علی ما أدرکه الحسّ، و إذا فهمت هذا فی العلم الظاهر الضّروری فهو فی سایر النّظریّات أظهر.

و أمّا الارادة فانّه إذا أدرک بالعقل عاقبة الأمر وجهة المصلحة فیه انبعث من ذاته شوق إلی جهة المصلحة و إلی تعاطی أسبابها و الارادة لها، و ذلک غیر إرادة الشّهوة و إرادة الحیوانات، بل ربّما یکون علی ضدّ الشّهوة.

ألا تری أنّ الشّهوة تنفر عن الفصد و الحجامة، و العقل یریدها و یطلبها و یبذل لها المال، و الشّهوة تمیل حین المرض إلی لذایذ الأطعمة و العقل یردعها عنها، و لو خلق اللّه العقل العارف بعواقب الامور و لم یخلق هذا الباعث المحرّک للأعضاء علی العمل بمقتضی حکم العقل لکان حکم العقل ضایعا علی التّحقیق.

فاذا اختصّ قلب الانسان بعلم و ارادة یمتاز بهما من سایر الحیوان، و من هذه الجملة ظهر أن خاصیّة الانسان العلم و الحکمة، و للعلم مراتب و درجات لا تحصی من حیث کثرة المعلومات و قلّتها و شرف المعلوم و خسّته، و من حیث إنّ حصوله قد یکون بالهام ربّانیّ علی سبیل المکاشفة کما للأنبیاء و الأولیاء و قد یکون بطریق الکسب و الاستدلال، و فی الکسب أیضا قد یکون سریع الحصول و قد یکون بطی ء الحصول.

و فی هذا المقام تتباین منازل العلماء و الحکماء و الأولیاء و الأنبیاء، فدرجات الترقی غیر محصورة إذ معلومات اللّه سبحانه غیر متناهیة و مراقی هذه الدّرجات

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 402

هی منازل السّایرین إلی اللّه و لا حصر لتلک المنازل و إنّما یعرف کلّ سالک منزله الذی بلغه فی سلوکه فیعرفه و یعرف ما خلفه من المنازل.

و أمّا ما بین یدیه فلا یحیط به علما کما لا یعرف الجنین حال الطفل، و لا الطفل حال الممیّز و لا الممیّز حال المراهق، و لا المراهق حال العاقل و ما اکتسبه من العلوم النّظریة، فکذا لا یعرف العاقل ما افتتح اللّه علی أولیائه و أنبیائه من مزایا لطفه و رحمته «ما یفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسک لها» و هذه الرّحمة مبذولة بحکم الجود و الکرم من اللّه سبحانه غیر مضنون بها علی أحد و لکن إنّما تظهر فی القلوب المتعرضة لنفحات الرّحمة کما قال صلّی اللّه علیه و آله و سلّم:

إنّ لرّبکم فی أیّام دهرکم لنفحات ألا فتعرّضوها، و التعرّض لها إنّما هو بتطهیر القلب و تزکیته من الکدر و الخبث الحاصلین من الأخلاق المذمومة.

فظهر بذلک معنی تمام الانسان و کماله و خاصّته التی بها امتاز عن سایر أفراد الحیوان و تحقّق أنّ البدن مرکب للقلب، و القلب محلّ للعلم، و العلم هو مقصود الانسان و أنّ العلم و المعرفة هو الذی خلق الانسان لأجله کما قال: «وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ» .

أی لیعرفون کما ظهر لک معنی رزق البدن و زاد القلب، و اتّضح أنّ القلب هو الطالب الجالب للرّزق و الزاد لاصلاح المعاش و المعاد.

و قوله علیه السّلام  (فی مجلّلات نعمه و موجبات مننه) العطف بمنزلة التّفسیر یعنی أنکم متنعّمون بنعمه العامة الشّاملة و آلائه التّامة الکاملة الموجبة لمنّته سبحانه علیکم فالمراد بمجلّلات النّعم ما أنعم بها علی جمیع الموجودات و المخلوقات بمقتضی رحمته الرّحمانیّة کما قال سبحانه: أَعْطی  کُلَّ شَیْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدی .

و بموجبات المنن أنّ تلک النّعم موجبة لمنة اللّه سبحانه علیهم فلا بدّ أن یقوم العبد بلوازم الشّکر و الامتنان، و لا یقابل بالطغیان و الکفران، و أعظم ما منّ اللّه به علی عباده أن هداهم للاسلام و الایمان و أرشدهم إلی سلوک سبیل الجنان و بعث فیهم

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 403

رسولا یدلّهم علی الهدی و ینجیهم من الرّدی کما قال تعالی: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ إِذْ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسهِمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِهِ وَ یُزَکِّیهِمْ وَ یُعَلِّمُهُمُ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ إِنْ کانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِی ضَلالٍ مُبینٍ» .

و قوله (و حواجز عافیته) قال الشّارح المعتزلی: أی فی عافیة تحجز و تمنع عنکم المضار.

أقول: و هو مبنیّ علی کون الاضافة من قبیل إضافة الصّفة إلی الموصوف، و الأظهر الأقوی أنّ الاضافة لامیّة، و المراد الموانع التی تمنع العافیة عن الزّوال و العدم، و تکون عائقة عن طریان المضارّ و الآلام و عروض الأوجاع و الأسقام علی الأبدان و الأجسام، و علی أیّ تقدیر فالمراد بها نعمة الصّحة و السّلامة التی هی من أعظم نعم اللّه سبحانه، بل هی رأس کلّ نعمة و بها یدرک کلّ لذّة و بهجة.

ثمّ قال (و قدّر لکم أعمارا سترها عنکم) و هذا أیضا من أعظم ما أنعم اللّه تعالی به علی خلقه إذ فی إظهار مدّة العمر علیهم مفاسد لا تحصی کما أنّ فی إخفائها منافع جاوزت حدّ الاستقصاء کما أشار إلیها سادس الأئمة و صادق الامّة أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد سلام اللّه علیهما و علی آبائهما و أولادهما الطّبین الطاهرین حیث قال فی حدیث المفضّل: تامّل الآن یا مفضّل ما ستر عن الانسان علمه من مدّة حیاته، فانّه لو عرف مقدار عمره و کان قصیرا لم یتهنّأ بالعیش مع ترقّب الموت و توقّعه لوقت قد أعرفه، بل کان یکون بمنزلة من قد فنی ماله أو قارب الفناء، فقد استشعر الفقر و الوجل من فناء ماله و خوف الفقر علی أنّ الذی یدخل علی الانسان من فناء العمر أعظم ممّا یدخل علیه من فناء المال لأنّ من یقلّ ماله یأمل أن یستخلف منه فیسکن إلی ذلک و من أیقن بفناء العمر استحکم علیه الیأس.

و إن کان طویل العمر ثمّ عرف ذلک وثق بالبقاء و انهمک فی اللذات و المعاصی و عمل علی أنّه یبلغ من ذلک شهوته ثمّ یتوب فی آخر عمره و هذا مذهب لا یرضاه

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 404

اللّه من عباده و لا یقبله ألا تری لو أنّ عبدا لک عمل علی أنّه یسخطک سنة و یرضیک یوما أو شهرا لم تقبل ذلک منه و لم یحلّ عندک محلّ العبد الصالح دون أن یضمر طاعتک و نصحک فی کلّ الامور فی کلّ الأوقات علی تصرّف الحالات.

فان قلت: أو لیس قد یقیم الانسان علی المعصیة حینا ثمّ یتوب قبل توبته؟

قلنا: إنّ ذلک شی ء یکون من الانسان لغلبة الشّهوات له و ترکه و ترکه مخالفتها من غیر أن یقدّره فی نفسه و یبنی علیه أمره فیصفح اللّه عنه و یتفضّل علیه بالمغفرة.

فأمّا من قدّر أمره علی أن یعصی ما بدا له ثمّ یتوب آخر ذلک فانّما یحاول خدیعا من لا یخادع  «1» أن یتسلّف التلذّذ فی العاجل و یعد و یمنّی نفسه التّوبة فی الآجل و لأنّه لا یفی بما یعد من ذلک، فانّ النزوع من الترفّه و التلذّذ و معاناة «2» التّوبة و لا سیما عند الکبر و ضعف البدن أمر صعب و لا یؤمن علی الانسان مع مدافعة التوبة أن یرهقه الموت فیخرج من الدّنیا غیر تائب کما قد یکون علی الواحد دین و قد یقدر علی قضائه فلا یزال یدافع بذلک حتّی یحلّ الأجل و قد نفد المال فیبقی الدّین قائما علیه.

فکان خیر الأشیاء للانسان أن یستر عنه مبلغ عمره فیکون طول عمره یترقّب الموت فیترک المعاصی و یؤثر العمل الصّالح.

فان قلت: و ما هو الآن قد ستر عنه مقدار حیاته و صار یترقّب الموت فی کلّ ساعة یقارف الفواحش و ینتهک المحارم.

قلنا: إنّ وجه التّدبیر فی هذا الباب هو الذی جری علیه الأمر فیه، فان کان الانسان مع ذلک لا یرعوی و لا ینصرف عن المساوی فانّما ذلک من مرحه و من قساوة لا من خطاء فی التدبیر کما أنّ الطبیب قد یصف للمریض ما ینتفع به فان کان المریض مخالفا لقول الطبیب لا یعمل بما أمره و لا ینتهی عمّا ینهاه عنه و لم ینتفع بصفته لم یکن


 (1) ای اللّه سبحانه م.

 (2) ای مشقتها.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 405

الاسائة فی ذلک للطبیب بل للمریض حیث لم یقبل منه.

و لئن کان الانسان مع ترقبه الموت کلّ ساعة لا یمتنع عن المعاصی فانّه لو وثق بطول البقاء کان أحری أن یخرج إلی الکبایر الفظیعة فترقّب الموت علی کلّ حال خیر له من الثقة بالبقاء.

و إن کان صنف من النّاس ینهون عنه و لا یتّعظون به فقد یتّعظ به صنف آخر منهم و ینزعون عن المعاصی و یؤثرون العمل الصالح و یجودون بالأموال و العقایل النفیسة و الصّدقة علی الفقراء و المساکین فلم یکن من العدل أن یحرم هؤلاء الانتفاع بهذه الخصلة لیضیع أولئک حظّهم.

و بالجملة فقد وضح، و اتضح کلّ الوضوح أنّ سترمدد الأعمار عن الخلق من جلایل النعم و أعظم ما منّ اللّه سبحانه به علیهم.

و مثله نعمة اخری هی أیضا من أسبغ الآلاء و أسنی النّعماء من حیث کونها موجبة للتّجافی عن دار الغرور جاذبة إلی دار السّرور باعثة علی السّعادة الأبدیّة موقعة فی العنایة السّرمدیّة (و) هی أنّه سبحانه (خلف لکم عبرا) تعتبرون بها و أبقی آثارا تتذکّرون منها (من آثار الماضین قبلکم) من الأهلین و الأقربین و الأولین و الآخرین و ممّن کان أطول منکم أعمارا و أشدّ بطشا و أعمر دیارا (من مستمتع خلاقهم و مستفسح خناقهم) أی الدّنیا التی کانت محلّ استمتاعهم بخلاقهم و انتفاعهم بحظوظهم و انصبائهم و محلّ الفسحة لأعناقهم من ضیق حبائل الموت و دار امهالهم من انشاب مخالب الفناء و الفوت.

«فأنتم فیها کَالَّذینَ مِنْ قَبْلِکُمْ کانُوا أَشَدَّ مِنْکُمْ قُوَّةً وَ أَکْثَرَ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بخَلاقِکُمْ کَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذینَ مِنْ قَبْلِکُمْ بخَلاقِهِمْ وَ خُضْتُمْ کَالَّذی خاضُوا «1» أُولئِکَ حَبطَتْ أَعْمالُهُمْ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِکَ هُمُ الْخاسرُونَ»  «2» (أرهقتهم المنایا دون الآمال و شذّبهم عنها تخرّم الآجال) ای اخترمتهم أیدی المنون  «3» من قرون بعد


 (1) ای کالخوض الذی خاضوه.

 (2) اقتباس من الآیة فی سورة التوبة.

 (3) المنون المنیة لانها تقطع المدد قال الفراء المنون مؤنثة و تکون واحدا و جمعا.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 406

قرون فحالت بینهم و بین الآمال و فرّقتهم من الأولاد و الأموال:

تخرّمهم ریب المنون  «1» فلم تکن          لتنفعهم جنّاتهم و الحدائق  «2»       

و لا حملتهم حین ولّوا بجمعهم          نجائبهم و الصّافنات السّوابق        

و زاحوا «3» عن الأموال صفرا و خلّفوا         ذخایرهم بالرّغم منهم و فارقوا   

 (لم یمهّدوا فی سلامة الأبدان و لم یعتبروا فی انف الأوان) أی لم یهیئوا فی حال الصّحة و السّلامة لیوم المعاد و لم یعتبروا فی أوّل الأزمنة بالعبر النّافعة بل الکلّ مال عنها و حاد، فالشّباب للهرم و الصّحة للسّقم و الوجود للعدم بذلک جری فی اللوح القلم.

الترجمة:

گردانید حق سبحانه و تعالی از برای شما گوشها را تا این که حفظ نمایند و نگه بدارند آنچه که مهمّ باشد ایشان را و ضروری، و آفرید چشمها را تا این که روشنی بخشند از شب کوری، و خلق فرمود اعضاء ظاهره که جمع کننده اعضای باطنه بودند در حالتی که مناسب و موافق بودند با اطراف و جوانب متناهیه خود در ترکیب صورتهای آنها و مدتهای عمرهای آنها با بدنهائی که قائمند بمنافع خود و با قلبهایی که طالبند مر رزقهای خود را در حالتی که شما در توی نعمت های کامله می باشید و أسباب منتهای شامله و موانع صحّت بدن از أمراض و محن.

و مقدّر فرمود از برای شما عمرها که پوشانید آنها را از شما و باقی گذاشت از برای شما عبرتها از آثار گذشتگان پیش از شما از محل لذت یافتن ایشان با نصیب خودشان و از مکان گشاده بودن ریسمان مرگ از گردن ایشان.

شتاب نمود ایشان را مرگ ها بی رسیدن بآرزوها، و متفرق ساخت ایشان را از آرزوها بریده شدن أجلها در حالتی که مهیا نساختند از عمل های شایسته در سلامتی بدنها، و عبرت نگرفتند از عبرت های نافعه در اول زمانها.