[hadith]فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَاب إِلَّا حَوَانِیَ الْهَرَمِ وَ أَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازلَ السَّقَمِ وَ أَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا آوِنَةَ الْفَنَاءِ مَعَ قُرْب الزِّیَالِ وَ أُزُوفِ الِانْتِقَالِ وَ عَلَز الْقَلَقِ وَ أَلَمِ الْمَضَضِ وَ غُصَصِ الْجَرَضِ وَ تَلَفُّتِ الِاسْتِغَاثَةِ بنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَ الْأَقْرِبَاءِ وَ الْأَعِزَّةِ وَ الْقُرَنَاءِ فَهَلْ دَفَعَتِ الْأَقَارِبُ أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ وَ قَدْ غُودرَ فِی مَحَلَّةِ الْأَمْوَاتِ رَهِیناً وَ فِی ضِیقِ الْمَضْجَعِ وَحِیداً قَدْ هَتَکَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ وَ أَبْلَتِ النَّوَاهِکُ جِدَّتَهُ وَ عَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ وَ مَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ وَ صَارَتِ الْأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا وَ الْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا وَ الْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بثِقَلِ أَعْبَائِهَا مُوقِنَةً بغَیْب أَنْبَائِهَا لَا تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا وَ لَا تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَیِّئِ زَلَلِهَا أَوَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَ الْآبَاءَ وَ إِخْوَانَهُمْ وَ الْأَقْرِبَاءَ تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ وَ تَرْکَبُونَ قِدَّتَهُمْ وَ تَطَئُونَ جَادَّتَهُمْ فَالْقُلُوبُ قَاسیَةٌ عَنْ حَظِّهَا لَاهِیَةٌ عَنْ رُشْدهَا سَالِکَةٌ فِی غَیْرِ مِضْمَارِهَا کَأَنَّ الْمَعْنِیَّ سوَاهَا وَ کَأَنَّ الرُّشْدَ فِی إِحْرَاز دُنْیَاهَا. وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَکُمْ عَلَی الصِّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحْضِهِ وَ أَهَاوِیلِ زَلَلِـهِ وَ تَارَاتِ أَهْوَالِهِ.[/hadith]

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 392

فهل ینتظر أهل بضاضة الشّباب إلّا حوانی الهرم، و أهل غضارة الصّحّة إلّا نوازل السّقم، و أهل مدّة البقاء إلّا آونة الفناء مع قرب الزّیال، و أزوف الانتقال، و علز القلق، و ألم المضض، و غصص الجرض، و تلفّت الإستغاثة بنصرة الحفدة و الأقرباء، و الأعزّة و القرناء، فهل دفعت الأقارب؟ أو نفعت النّواحب؟ و قد غودر فی محلّة الأموات رهینا، و فی ضیق المضجع وحیدا، قد هتکت الهوامّ جلدته، و أبلت النّواهک جدّته، و عفت العواصف آثاره، و محی الحدثان معالمه، و صارت الأجساد شحبة بعد بضّتها، و العظام نخرة بعد قوّتها، و الأرواح مرتهنة بثقل أعبائها، موقنة بغیب أنبائها، لا تستزاد من صالح عملها، و لا تستعتب من سیّی ء زللها، أ و لستم أبناء القوم و الآباء؟ و إخوانهم و الأقرباء؟ تحتذون أمثلتهم، و ترکبون قدّتهم و تطاون جادّتهم، فالقلوب قاسیة عن حظّها، لاهیة عن رشدها، سالکة فی غیر مضمارها، کأنّ المعنیّ سواها، و کأنّ الرّشد فی إحراز دنیاها. (13287- 13058)

اللغة:

و (بضض) الرّجل بالفتح و الکسر بضاضة و بضوضة فهو بضّ أی رخص الجسد رقیق الجلد ممتلی

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 393

و (الحوانی) جمع الحانیة و هی العلة التی تحنی شطاط «1» الجسد و تمنعه عن الاستقامة و (الهرم) محرکة أقصی الکبر و (الغضارة) طیب العیش و السّعة و النّعمة و (الاونة) جمع أوان کأزمنة و زمان و (العلز) بالتّحریک خفّة و هلع یصیب المریض و الأسیر و المحتضر و رجل علز أی هلع لا ینام و (المضض) محرّکة وجع المصیبة (جرض) بریقه ابتلعه بالجهد علی همّ و حزن و أجرضه اللّه بریقه أغصّه و (التّلفت) و الالتفات بمعنی و هو الانصراف یقال التفت إلیّ التفاتا انصرف بوجهه نحوی و التّلفت أکثر منه و (الحفدة) الأعوان و الخدم، و قیل أولاد الأولاد.

و النساء (النّواحب) اللّاتی یرفعن أصواتهنّ بالبکاء من النّحب و هو شدّة البکاء و یروی النّوادب بدلها و (غادره) مغادرة ترکه و بقاه و (هتک) السّتر و غیره جذبه فقطعه من موضعه و (الهامة) من الحیوان ماله سمّ یقتل کالحیّات و الجمع الهوام کدابّة و دواب و ربّما یطلق علی ما لا یقتل کالحشرات و (نهکته) الحمی نهکا من باب ضرب هزلته و جهدته و أضنته  «2» و نهکه السّلطان بالغ فی عقوبته و النّاهک و النهیک المبالغ فی الأشیاء و (الجدة) بکسر الجیم مصدر یقال جد یجد من باب ضرب یضرب جدة إذا صار جدیدا و هو ضدّ البلی و (عفت) بالتّخفیف و یروی بالتّشدید و (شحب) لونه من باب جمع و نصر و کرم شحوبا و شحوبة تغیر من هزال أو جوع أو سفر و (تستعتب) بالبناء علی المفعول و (القدّة) بکسر القاف و الدّال المهملة الطریقة و (المعنی) بالتّشدید و المعنی و المعناه و المعنیة بمعنی واحد.

الاعراب:

استفهام انکاریّ توبیخیّ فهل ینتظر اه استفهام انکاریّ توبیخیّ من قبیل قوله سبحانه: أ تعبدون ما تنحتون، و کلمة إلّا فی المواقع الثّلاثة أعنی قوله: إلّا حوانی الهرم، و إلّا نوازل السّقم، و إلّا آونة الفناء إن کانت للاستثناء فیتوجه علیه أنّ الاستثناء المفرّغ غیر جایز فی الکلام الموجب، و إن کانت بمعنی غیر کما یظهر من شرح البحرانی ففیه أنّ إلّا بمعنی غیر لا یجوز حذف موصوفها کما یجوز حذف موصوف غیر یقال جائنی غیر زید و لا یصحّ أن یقال جائنی إلّا زید کما صرّح به ابن هشام و غیره، و بذلک فرّقوا بین إلّا و کلمة غیر.

و یمکن توجیهه بأن یقال إنّ إلّا للاستثناء و إنّ جواز التّفریغ هنا لاستقامة المعنی و حصول الفایدة کما جوّزوه فی قولهم قرأت إلّا یوم کذا معلّلین بأنّه لا یبعد أن یقرأ فی جمیع الأیام إلّا الیوم المعیّن، فعلی هذا التّوجیه یکون المراد بالکلام أنّه ینتظر هؤلاء جمیع اللذائذ الدّنیویّة و الشّهوات النّفسانیة إلّا حوانی الهرم و نوازل السّقم فافهم.

و الباء فی قوله بنصرة الحفدة، متعلّق بالاستغاثة، استفهام انکاری إبطالی و قوله فهل دفعت الأقارب استفهام انکاری إبطالی علی حدّ قوله أ فأصفاکم ربّکم بالبنین، و قوله و قد غودر فی محلّ النصب علی الحال و العامل نفعت، و کذلک رهینا و وحیدا منتصبان علی الحال و العامل غودر، و هکذا جملة قد هتکت و أبلت و عفت و محی اه، و قوله: و صارت عطف علی غودر، و جملة لاتستزاد و لا تستعتب فی محلّ النّصب أیضا علی الحالیة، استفهام تقریریّ و قوله أ و لستم استفهام تقریریّ .

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 395

المعنی:

استفهام علی سبیل الانکار و التّوبیخ (فهل ینتظر أهل بضاضة الشّباب إلّا حوانی الهرم، و أهل غضارة الصّحة إلّا نوازل السّقم، و أهل مدّة البقاء إلّا آونة الفناء) و العدم استفهام علی سبیل الانکار و التّوبیخ عما ینتظر الشّبان النّاعمة الجسد الرّقیقة الجلد غیر حوانی الهرم التی تحنی ظهورهم و عما ینتظر أهل النعمة و الصّحة غیر نوازل السّقم التی تنزل علیهم و عمّا ینتظر المعمرون بطول أعمارهم غیر الفناء و العدم الذی یفنیهم.

و إنّما وبخّهم علی ذلک لأنّ من کان مصیر أمره إلی الهرم و السّقم و الفناء و الزّوال ینبغی أن یأخذ العدة و الذّخیرة لنفسه و ینتظر ما یصیر أمره إلیه و یراقبه و لا یشتغل بغیره.

فهؤلاء لما قصروا هممهم فی غیر ذلک و أوقعوا أنفسهم فی مطارح المهالک


 (1) ریب المنون حدثاته.

 (2) اعلم أنّ هذا البیت و سایر الأبیات التی أنشدناها فی شرح هذا الفصل و هکذا بعض الفقرات التی أوردناها مأخوذة من مناجاة الامام زین العابدین علیّ بن الحسین (ع) و ندبته التی رواها أبو عیینة الزهری، و انما اقتبسناکل ذلک من کلامه لانّ کلام المعصوم یصدق بعضه بعضا، و اللّه الهادی الی سواء السبیل منه.

 (3) أی زالوا.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 407

و بّخهم علیه السّلام بذلک و أکّد بقوله (مع قرب الزیال) و ازوفه (و ازوف الانتقال) و قربه (و علزا لقلق) و هلعه (و ألم المضض) و وجعه (و غصص الجرض) و شجاه (و تلفت الاستغاثة بنصرة الحفدة و الأقرباء و الأعزّة و القرناء) أراد أنّهم فی حال سکرات الموت یلتفتون إلی أهلهم و أولادهم و یقلّبون وجوههم ذات الیمین و ذات الشّمال إلی أحبّتهم و عوّادهم یستغیثونهم و یستنصرونهم فلا یقدرون علی النصرة و الاغاثة و یستعینونهم و یستنجدونهم فلا یستطیعون الانجاد و الاعانة:

أحاطت به آفاته و همومه          و أبلس «1» لما أعجزته المعاذر       

فلیس له من کربة الموت فارج          و لیس له مما یحاذر ناصر       

و قد حشات خوف المنیة نفسه          تردّدها دون اللّهاة الحناجر    

(فهل دفعت الأقارب أو نفعت النّواحب) أو انتفع بسلطانه أو ذبّ الموت عنه جنوده و أعوانه.

فما صرفت کفّ المنیّة إذ أتت          مبادرة تهوی إلیه الذّخایر «2»       

و لا دفعت عنه الحصون التی بنا         و حفّ بها أنهارها و الدّساکر «3»       

و لا قارعت عنه المنیّة خیله          و لا طمعت فی الذّب عنه العساکر   

 (و قد غودر فی محلّة الأموات رهینا و فی ضیق المضجع وحیدا) و التحق بمن مضی من أسلافه و من وارته الأرض من الافه.

و أضحوا رمیما فی التراب و أقفرت  «4»         مجالس منهم عطلت و مقاصر «5»       


 (1) و الابلاس الیأس من رحمة اللّه و منه سمی ابلیس و الابلاس ایضا الانکسار و الحزن و المعاذر جمع المعذرة و جشأت نفسه انهضت و جاشت النفس ارتفعت من حزن أو فزع و اللهات الهنة المطبقة فی أعلی سقف الفم و الحنجرة الحلقوم منه م.

 (2) فاعل صرفت

 (3) الدسکرة القریة و الصومعة و الارض المستویة و بیوت الأعاجم یکون فیها الشراب و الملاهی و الجمع دساکر ق

 (4) ای خلت

 (5) لعلّه جمع المقصورة هی الدار الواسعة

 

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 408

 

و حلّوا بدار لا تزاور بینهم          و أنّی لسکّان القبور التّزاور       

فما أن تری إلّا جثی  «1» قد ثووا بها «2»         مسنّمة «3» تسفی علیه الأعاصر «4»   

 (قد هتکت الهوام جلدته و ابلت النّواهک جدته) أی قطع هو ام الأرض جلده و صار طعمة للعقارب و الحیّات و الحشرات الموذیات و اخلقت مبالغات الدّهر التی أجهدته و أضننته و هزلته جدته و نضرة شبابه، فصار خلقا بالیا بعد ما کان جدید اغضیضا طریّا بمصائب الدّهر و نوائبه و أوصابه و أتعابه (و عفت) الرّیاح (العواصف آثاره و محی) النوائب و (الحدثان معالمه) فلم یبق فی وجه الارض منه خبر و لا عن قبره عین و لا أثر، حیث فقدته العیون و توالت علیه السّنون (و صارت الأجساد شحبة) متغیّرة هزلة (بعد بضّتها) و نعومتها و امتلائها (و العظام نخرة) بالیة متفتتة (بعد قوّتها) و شدّتها (و الأرواح مرتهنة) مقبوضة (بثقل أعمالها) و أحمالها کما قال تعالی:

کُلُّ امْرِئٍ بما کَسَبَ رَهِینٌ .

أی محبوس بعمله حتّی یعامل بما یستحقّه و یجازی بما عمله إن عمل طاعة اثیب و إن عمل معصیة عوقب، و فی سورة المدّثر کُلُّ نَفْسٍ بما کَسَبَتْ رَهِینَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْیَمِینِ  قال الطبرسیّ: أی مرهونة بعملها محبوسة به مطالبة بما کسبته من طاعة أو معصیة، فالرّهن أخذ الشی ء بأمر علی أن لا یرد إلّا بالخروج منه فکذلک هؤلاء الضّلال قد اخذوا برهن لافکاک له، و الکسب هو کلّ ما یجتلب به نفع أو یدفع به ضرر و یدخل فیه الفعل و الا یفعل.


 (1) جمع جثوة ای تربة مجموعة، لغة

 (2) أی أقاموا

 (3) أی مرتفعة و منه قبر مسنّم

 (4) هی ریح تثیر الغبار یرتفع الی السماء کأنه عمود.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 409

ثمّ استثنی سبحانه أصحاب الیمین فقال: إلّا أصحاب الیمین، و هم الذین یعطون کتبهم بأیمانهم قال الباقر علیه السّلام: نحن و شیعتنا أصحاب الیمین، و قوله (موقنة بغیب أنبائها)

أی متیقّنة بالأخبار الغیبیة التی أخبر بها الرّسل و أنبأ بها الکتب من أخبار القیامة من البرزخ و البعث و الحساب و الکتاب و الجنّة و النّار و سایر ما کانت غایبة عنه مختفیة له حتّی رآها بحسّ العین فحصل له الیقین بعد ما کانت منها فی ریب و ظنّ، کما قال تعالی: «وَ إِذا قِیلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ السَّاعَةُ لا رَیْبَ فِیها قُلْتُمْ ما نَدْرِی مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بمُسْتَیْقِنِینَ» .

و قال سبحانه حکایة عن الکفّار و المجرمین: «قالُوا لَمْ نَکُ مِنَ الْمُصَلِّینَ وَ لَمْ نَکُ نُطْعِمُ الْمِسْکِینَ وَ کُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِینَ وَ کُنَّا نُکَذِّبُ بیَوْمِ الدِّینِ حَتَّی أَتانَا الْیَقِینُ» .

أی کنّا نکذّب یوم الجزاء حتّی جاءنا العلم الیقین بأن عاینّاه، و قال سبحانه فی حقّ المتّقین: «الَّذینَ یُؤْمِنُونَ بالْغَیْب وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ، وَ الَّذینَ یُؤْمِنُونَ بما أُنْزلَ إِلَیْکَ وَ ما أُنْزلَ مِنْ قَبْلِکَ وَ بالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ» .

قال الطبرسی و إنّما خصّهم بالأیقان بالآخرة و إن کان الایمان بالغیب قد شملها لما کان من کفر المشرکین بها و جحدهم ایّاها فی نحو ما حکی عنهم فی قوله  وَ قالُوا ما هِیَ إِلَّا حَیاتُنَا الدُّنْیا نَمُوتُ وَ نَحْیا.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 410

فکان فی تخصیصهم بذلک مدح عظیم (لا تستزاد من صالح عملها و لا تستعتب من سیّی ء زللها) أی لا یطلب منها زیادة فی العمل الصّالح و لا یطلب منها التّوبة من العمل القبیح کما کان یطلب ذلک منها فی الدّنیا و ذلک لأنّ التّکلیف و العمل إنّما هو فی الدّنیا و الآخرة دار الجزاء لا تکلیف فیها کما قال تعالی فی سورة الجاثیة: «فَالْیَوْمَ لا یُخْرَجُونَ مِنْها وَ لا هُمْ یُسْتَعْتَبُونَ» .

أی لا یخرجون من النّار و لا یطلب منهم الاعتاب و الاعتذار لما قلناه من أنّ التکلیف قد زال، و فی سورة الرّوم: «فَیَوْمَئِذٍ لا یَنْفَعُ الَّذینَ ظَلَمُوا مَعْذرَتُهُمْ وَ لا هُمْ یُسْتَعْتَبُونَ» .

و کما أنّهم لا یطلب منهم التّوبة و المعذرة فکذلک لا ینفعهم الاعتذار و الانابة کما قال سبحانه: «فَإِنْ یَصْبرُوا فَالنَّارُ مَثْویً لَهُمْ وَ إِنْ یَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبینَ» .

أی إن یطلبوا إزالة اللوم و العقوبة و یسألوا رضا اللّه عنهم فلیس لهم طریق إلی الاعتاب و لا لهم نجاة من العقاب.

بلی أوردته  «1» بعد عزّ و منعة         موارد سوء ما لهنّ مصادر       

فلمّا رأی أن لا نجاة و أنّه          هو الموت لا ینجیه منه الموازر «2»       

تندّم لو یغنیه طول ندامة         علیه و أبکته الذّنوب الکبائر    

«وَ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَکْتُ کَلَّا إِنَّها کَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ» .

 (أ و لستم أبناء القوم) الذین و صفنا حالهم و شرحنا مالهم (و الآباء و إخوانهم و الأقرباء) و أمثالهم.


 (1) أی أوردته الدّنیا

 (2) الموازر: الناصر

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 411

 

فهم فی بطون الأرض بعد ظهورها         محاسنهم فیها بوال  «1» دواثر «2»       

خلت دورهم منهم و أقوت عراصهم          و ساقتهم نحو المنایا المقادر       

و خلّوا عن الدّنیا و ما جمعوا لها         و ضمّنهم تحت التراب الحفایر «3»   

 فلکم الیوم بالقوم اعتبار، و سوف تحلّون مثلهم دار البوار، فالبدار البدار و الحذار الحذار من الدّنیا و مکایدها و ما نصبت لکم من مصایدها، و تجلّی لکم من زینتها و استشرف لکم من فتنتها:

 و فی دون ما عاینت من فجعاتها         إلی رفضها داع و بالزّهد آمر       

فجدّ و لا تغفل فعیشک زائل          و أنت إلی دار المنیّة صائر   

 فهل یحرص علیها لبیب، أو یسرّ بلذّتها أریب، و هو علی ثقة من فنائها و غیر طامع فی بقائها، أم کیف تنام عین من یخشی البیات أو تسکن نفس من یتوقّع الممات أم کیف (تحتذون أمثلتهم و ترکبون قدتهم و تطئون جادّتهم) تفعلون مثل أفعالهم و تقتفون آثارهم و تسلکون مسالکهم و تقولون: «إنّا وجدنا آبائنا علی أمّة و إنّا علی آثارهم مقتدون» (فالقلوب قاسیة عن حظّها) جافیة عن إدراک نصیبها الذی ینبغی لها إدراکه (لاهیة عن رشدها) غافلة عن طلب هدایتها (سالکة فی غیر مضمارها) الذی یلزم علیها سلوکه.

یعنی أنّ اللّازم علی القلوب تحصیل المعارف الیقینیّة و العقائد الحقّة و التفکّر فی آثار الجبروت و القدرة و الاتّعاظ بالحکم و الموعظة الحسنة فهی لقسوتها و جفاوتها بکثرة الذّنوب التی اقترفتها لم یبق لها قابلیّة و استعداد لادراک حظّها و نصیبها الذی ذکرناه و غفلت عن الاهتداء بالأنوار الالهیة و سلکت فی غیر جادّة الشریعة (کأنّ المعنیّ) و المقصود بالأحکام الشّرعیّة و التّکالیف الالهیّة (سواها و کأنّ الرّشد) الّذی امرت به (فی إحراز دنیاها).


 (1) جمع بالیة

 (2) من الدثور و هو الدروس

 (3) لعلّه جمع الحفر و هو القبر

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 412

فیا عاقلا راحلا و لبیبا جاهلا و متیقظا غافلا ما هذه الحیرة و السبیل واضح و المشیر ناصح، و الصّواب لائح، عقلت فاغفلت و أعرفت فأنکرت، و علمت فامهلت «فاهملت ظ» هذا هو الدّاء الذی عزّ دواؤه، و المرض الذی لا یرجی شفاؤه، إلی کم ذا التشاغل بالتّجایر و الأرباح إلی کم ذا التّهوّر بالسّرور و الأفراح، و حتّام التّغریر بالسّلامة فی مراکب النّیاح، کیف تتهنّأ بحیاتک و هی مطیّتک إلی مماتک أم کیف تسیغ طعامک و أنت منتظر حمامک  «1»

 و لم تتزوّد للرّحیل و قد دنا         و أنت علی حال و شیکا مسافر «2»       

تخرّب ما یبقی و تعمر فانیا         و لا ذاک موفور و لا ذاک عامر       

و هل لک إن وافاک حتفک بغتة         و لم تکتسب خیر لدی اللّه عاذر       

أ ترضی بأن تفنی الحیاة و تنقضی          و دینک منقوص و مالک وافر       

فیا ویح نفسی کم أسوّف توبتی          و عمری فان و الرّدی  «3» لی ناظر       

و کلّ الذی أسلفت فی الصّحف مثبت          یجازی علیه عادل الحکم قاهر       

ملیک عزیز لا یردّ قضاؤه          علیم حکیم نافذ الأمر قادر       

عنی کلّ ذی عزّ بعزّة وجهه          فکلّ عزیز للمهیمن  «4» صاغر       

لقد خشعت و استسلمت و تضاءلت          لعزّة ذی العرش الملوک الجبابر   

 فبک إلهنا نستجیر یا علیم یا خبیر، من نؤمل لفکاک رقابنا غیرک، و من نرجو بغفران ذنوبنا سواک، و أنت المتفضّل المنّان القائم الدّیان العائد علینا بالاحسان بعد الاسائة منّا و العصیان، یا ذا العزّة و السّلطان و القوّة و البرهان أجرنا من عذابک الألیم و اجعلنا من سکان دار النعیم یا أرحم الراحمین.


 (1) الحمام: الموت

 (2) الوشیک: السریع

 (3) الردی: الهلاک

 (4) المهیمن: القائم علی خلقه بأعمالهم و آجالهم و أرزاقهم أو الشاهد و الرقیب و الحافظ و الصاغر الذلیل و تضائلت أی صارت ضئیلا أی حقیرا ذلیلا، منه

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 413

تبصرة:

لما کان صدر هذا الفصل متضمّنا للاشارة إلی بعض الحکم و المصالح فیما جعله اللّه سبحانه للانسان من الأعضاء و الجوارح و کان توضیح ذلک موقوفا علی التشریح أحببت أن اورد هنا شطرا یسیرا من ذلک مما صدر عن مصدر الولایة إذ تشریح جمیع الأعضاء علی ما حقّقه الحکماء و الأطبّاء مما یوجب الطول و یخرج عن الغرض و فیما نورده هدایة للمسترشد و کفایة للطالب.

فأقول: روی فی البحار من العلل و الخصال عن محمّد بن إبراهیم الطالقانی عن الحسن ابن علیّ العدوی عن عباد بن صهیب بن عباد بن صهیب عن أبیه عن جدّه عن الرّبیع صاحب المنصور قال:

حضر أبو عبد اللّه علیه السّلام مجلس المنصور یوما و عنده رجل من الهند یقرأ کتب الطب فجعل أبو عبد اللّه علیه السّلام ینصت لقرائته، فلما فرغ الهندی قال له یا أبا عبد اللّه أ ترید ممّا معی شیئا؟ قال علیه السّلام: لا، فانّ معی ما هو خیر ممّا معک قال: و ما هو؟

قال علیه السّلام: اداوی الحارّ بالبارد و البارد بالحارّ و الرّطب بالیابس و الیابس بالرّطب، و اورد الأمر کلّه إلی اللّه عزّ و جلّ و أستعمل ما قاله رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: و اعلم أنّ المعدة «1» بیت الداء و الحمیة هی الدواء و اعود البدن ما اعتاد، فقال الهندی: و هل الطبّ إلّا هذا.

فقال الصّادق علیه السّلام: أ فترانی من کتب الطبّ أخذت؟ قال: نعم قال علیه السّلام: لا و اللّه ما أخذت إلّا عن اللّه سبحانه فأخبرنی أنا أعلم بالطبّ أم أنت؟ قال الهندی:

لا بل أنا، قال الصّادق علیه السّلام: فأسألک شیئا؟ قال: سل، قال الصّادق علیه السّلام: أخبرنی یا هندی لم کان فی الرّأس شئون  «2» قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم جعل الشّعر علیه من فوق؟ قال: لا أعلم.


 (1) المعدة بالکسر و الفتح موضع الطعام.

 (2) الشأن واحد الشئون و هی مواصل قبائل الرأس و ملتقاها و منها یخرج الدموع، صحاح

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 414

قال علیه السّلام: فلم خلت الجبهة من الشّعر؟ قال: لا أعلم قال علیه السّلام: فلم کان لها التّخطیط و أساریر؟ «1» قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم کان الحاجبان من فوق العینین؟

قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم جعل العینان کاللوزتین؟ قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم جعل الأنف بینهما؟ قال: لا أعلم.

قال علیه السّلام: فلم کان ثقب الأنف فی أسفله؟ قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم جعلت الشّفة و الشّارب من فوق الفم، قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم أحدّ السن  «2» و عرض الضرس و الناب؟ قال: لا أعلم قال علیه السّلام: فلم جعلت اللحیة للرّجال؟ قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم خلت الکفان من الشّعر؟ قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم خلا الظفر و الشعر من الحیاة؟ قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم کان القلب کحبّ الصنوبر؟ قال: لا أعلم.

قال علیه السّلام: فلم کانت الرّیة قطعتین و جعل حرکتها فی موضعها؟ قال: لا أعلم قال علیه السّلام: فلم کانت الکبد حدباء «3» قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم کانت الکلیة کحبّ اللّوبیا؟ قال: لا أعلم، قال علیه السّلام: فلم جعل طیّ الرکبة إلی خلف؟ قال: لا أعلم، قال:

فلم آن حضرت  «4» القدم؟ قال: لا أعلم، فقال الصّادق علیه السّلام: لکنّی أعلم، قال: فأجب.

فقال الصّادق علیه السّلام: کان فی الرّأس شئون لأن المجوّف إذا کان بلا فصل أسرع إلیه الصداع فاذا جعل ذا فصول کان الصداع منه أبعد، و جعل الشعر من فوقه لیوصل بوصوله  «5» الادهان إلی الدماغ و یخرج بأطرافه البخار منه و یرد الحرّ و البرد


 (1) الاساریر خطوط الجبهة جمع الاسرار و هی جمع السریر صحاح.

 (2) المفهوم من الاخبار اختصاص السن بالمقادیم الحداد و الضرس بالمآخیر العراض و المفهوم من کلام أهل اللغة ترادفهما.

 (3) حدب الانسان من باب تعب إذا خرج ظهره و ارتفع عن الاستواء فالرجل أحدب و المرأة حدباء فیومی

 (4) رجل محضر القدمین اذا کانت قدمه تمسّ الأرض من مقدمها و عقبها و تحوی أخمصها مع دقة فیه صحاح.

 (5) ای بسبب وصول الشعر الی الدماغ تصل الیه الادهان او هو جمع الوصل الی مثابته و اصوله و لا یبعد ان یکون فی الاصل باصوله فصحف بقرینة مقابلة أطرافه، بحار.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 415

الواردین علیه و خلت الجبهة من الشّعر لأنها مصبّ النور إلی العینین و جعل فیها التخطیط و الأساریر لیحبس العرق الوارد من الرّأس عن العین قدر ما یمیطه  «1» الانسان من نفسه کالأنهار فی الأرض التی تحبس المیاء.

و جعل الحاجبان من فوق العینین لیوردا من النّور علیهما قدر الکفایة ألا تری یا هندی إنّ من غلبه النّور جعل یده بین عینیه لیرد علیهما قدر کفایتهما منه، و جعل الأنف فیما بینهما لیقسم النّور قسمین إلی کلّ عین سواء و کانت العین کاللّوزة لیجری فیها المیل بالدواء و یخرج منها الداء، و لو کانت مرّبعة أو مدوّرة ما جری فیها المیل و ما وصل إلیها دواء و لا خرج منها داء.

و جعل ثقب الانف فی أسفله لینزل منه الأوداء المنحدرة من الدّماغ و یصعد فیها الأراییح  «2» إلی المشام و لو کان فی أعلاه لما ینزل داء و لا وجد رائحة، و جعل الشّارب و الشّفة فوق الفم لحبس ما ینزل من الدّماغ عن الفم لئلّا یتنغّص علی الانسان طعامه و شرابه فیمیطه  «3» عن نفسه و جعلت اللّحیة للرّجل لیستغنی بها عن الکشف  «4» فی المنظر «5» و یعلم بها الذکر و الأنثی.

و جعل السنّ حادا لأنّ به یقع العضّ و جعل الضرس عریضا لأنّ به یقع الطحن و المضغ و کان الناب  «6» طویلا لیشدّ الأضراس و الأسنان کالاسطوانة، فی البناء، و خلا الکفّان من الشعر لأنّ بهما یقع اللمس فلو کان بهما شعر مادری


 (1) ای یزیله و ینحیّه

 (2) جمع أریاح و هو جمع الریح.

 (3) ای یحتاج الی ازالة ما ینزل من الدماغ عند الاکل و الشرب عن نفسه م

 (4) عن کشف العورة

 (5) متعلّق بقوله یستغنی.

 (6) لعلّ وجه کونه سندا من بین سایر الاسنان أنه لطوله یمنع وقوع الاسنان بعضها علی بعض فی بعض الاحوال کما أنّ الاسطوانة یمنع السقف من السقوط، بجار

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 416

الانسان ما یقابله  «1» و یلمسه، و خلا الشعر و الظفر من الحیاة لأنّ طولهما سمج یقبح و قصهما حسن فلو کان فیهما حیاة لآلم الانسان لقصّهما.

و کان القلب کحبّ الصنوبر لأنه منکس فجعل رأسه رقیقا لیدخل فی الرّیة فیتروح عنه ببردها لئلا یشیط «2» الدماغ بحرّه، و جعلت الرّیة قطعتین لیدخل مصاعظها «3» فتروح عنه بحرکتها، و کانت الکبد حدباء لیثقل المعدة و تقع جمیعه علیها فتعصرها فیخرج ما فیها من البخار.

و جعلت الکلیة کحبّ اللوبیان لأنّ علیها مصبّ المنی نقطة «4» بعد نقطة فلو کانت مرّبعة أو مدوّرة لاحتبست النقطة الاولی الثانیة فلا یلتذّ بخروجها الحیّ إذ المنی ینزل من فقار الظهر الی الکلیة فهی کالدّودة تنقبض و تنبسط ترمیه أوّلا فأوّلا إلی المثانة کالبندقة من القوس.

و جعل طیّ الرّکبة إلی خلف لأنّ الانسان یمشی إلی ما بین یدیه  «5» فتعدل الحرکات و لولا ذلک لسقط فی المشی، و جعلت القدم متحضرة لأنّ الشّی ء إذا وقع علی الأرض جمیعه نقل  «6» ثقل حجر الرّحی و إذا کان علی حرفه دفعه الصّبی


 (1) کأنه کان یعامله فصحف مع أنّ اکثر ما یلمس یکون مقابلا بحار

 (2) أی یحترق منه

 (3) أی بین قطعتی الریة

 (4) استعیرت النقطة هنا للشی ء القلیل و القطرة بحار

 (5) أی یمیل فی المشی الی قدامه و لو کان طی الرکبة من القدام لانتهی ایضا من هذا الجانب فیسقط بحار

 (6) و ذلک لامتناع الخلاء لانه اذا لم یکن بین السطحین هواء أصلا لم یمکن رفع احدهما عن الآخر فیرتفعان معا. و لو کان بینهما هواء قلیل یرتفع لکن بعسر لتوقفه علی تخلل هذا الهواء و دخول الهواء من خارج أیضا فحضر القدم یوجب وجود هواء کثیر تحت القدم فاذا رفع القدم یدخل تحت ما لصق بالارض من قدام القدم و عقبه الهواء من الأطراف بسرعة و بسهولة فلا یعسر رفعه، بحار

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 5، ص: 417

و إذا وقع علی وجهه صعب ثقله علی الرجل.

فقال الهندی: من أین لک هذا العلم؟ فقال علیه السّلام: أخذته عن آبائی عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله عن جبرئیل عن ربّ العالمین جلّ جلاله الذی خلق الأجساد و الأرواح، فقال الهندی: صدقت و أنا أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه و أنّک أعلم من أهل زمانک.


منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 6، ص: 5

و اعلموا أنّ مجازکم علی الصّراط و مزالق دحضه، و أهاویل زلله، و تارات أهواله.

اللغة:

(المزالق) جمع المزلق و هو الموضع الذی یزلق فیه القدم و لا تثبت و مکان (دحض) و یحرّک زلق و (التّارات) جمع تارة و هی المرّة و الحین.

المعنی:

اعلم أنّ هذا الفصل متضمّن للانذار بالصّراط و التّحذیر من أهواله و الأمر بالتّقوی تأکیدا لأوامره السّابقة فأنذر أوّلا بالصّراط حیث قال (و اعلموا أنّ مجازکم علی الصّراط) الذی هو جسر جهنّم و علیه ممرّ جمیع الخلائق حسبما تعرفه تفصیلا (و مزالق دحضه و أهاویل زلله) لکونه أدقّ من الشّعر و أحدّ من السّیف کما یأتی فی الأخبار الآتیة.

و فی النّبوی قال صلّی اللّه علیه و آله و سلم: ثلاث مواطن لا یذکر أحد أحدا: عند المیزان حتّی یعلم أیخفّ میزانه أو یثقل، و عند تطایر الصّحف حتّی یعلم أیقع کتابه فی یمینه أم شماله أم من وراء ظهره، و عند الصّراط إذا وضع بین ظهر جهنّم حتّی یجوز.

قال الشّارح المعتزلی (و تارات أهواله) هو کقولک دفعات أهواله و إنّما جعل أهواله تارات لأنّ الأمور الهائلة إذا استمرّت لم یکن فی الازعاج و التّرویع کما یکون إذا طرئت تارة و سکنت تارة.

الترجمة:

پس آیا انتظار می کشند أهل قوت و امتلاء جوانی مگر قد خم کنندهای پیری و ناتوانی را، و أهل خوشی صحت و تن درستی مگر نازل شوندهای بیماری را، و أهل مدت بقا مگر زمانهای فنا و نابودی را با وجود نزدیکی مفارقت و قرب انتقال بسوی آخرت و با وجود جزع اضطراب و درد مصیبت و بسیار بگلو ماندن آب دهان از اندوه و محنت و با وجود این طرف و آن طرف نگریستن برای فریاد رس خواستن بیاری دادن اعوان و خویشان و اولاد و عزیزان.

پس آیا دفع نمود مرگ را از او خویشان، یا نفع بخشید گریه گریه کنندگان و حال آنکه ترک کرده شد در محله مردگان محبوس گناه و در تنگی خوابگاه بی یار و همراه بتحقیق که پاره نمود حشرات الأرض پوست تن او را و کهنه نمود لاغر کنندگان تازگی بدن او را، و مندرس نمود بادهای سخت جهنده اثرهای او را و محو نمود حوادث روزگار علامتهای او را، و بگردید بدنها متغیّر و لاغر بعد از تازگی و قوّت، و استخوانها پوسیده و متفرّق بعد از توانائی و شدّت.

و روحها گرد کرده شد ببار گران گناهان در حالتی که یقین کننده باشند باخبار غایبه از ایشان، طلب نمی شود از آنها زیاده کردن از اعمال صالحه، و طلب نمی شود از ایشان راضی کردن حق از اعمال باطله، آیا نیستید شما پسران قوم خود و پدران ایشان، و برادران قوم خود و خویشان ایشان، اندازه می گیرید در کارها بر مثلهای آنها، و سوار می شوید بر طریقه ایشان در اقوال و افعال، و سلوک می کنید در راههای ایشان بهمه حال.

قلبها سختند از قبول بهره سودمند خود، غافلند از طلب هدایت خود سالکند در غیر میدان با منفعت خود، گویا که مخاطب و مقصود بأوامر و نواهی غیر از آن دلهاست، و گویا که رشادت و مصلحت آنها در حفظ متاع دنیاست. و بدانید ای مردمان که عبور شما بر صراط است و بر محلّهای لغزش اوست و خوفهای لغزیدن اوست و هولهای مکرر اوست.