[hadith]و من خطبة له (علیه السلام) فی التَنفیر من الدنیا:

دَارٌ بالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَ بالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ؛ لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَ لَا یَسْلَمُ نُزَّالُهَا؛ أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ؛ الْعَیْشُ فِیهَا مَذْمُومٌ وَ الْأَمَانُ مِنْهَا مَعْدُومٌ؛ وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا فِیهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ، تَرْمِیهِمْ بسهَامِهَا وَ تُفْنِیهِمْ بحِمَامِهَا.[/hadith]

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 322

و من خطبة له علیه السّلام و هی المأتان و الرّابعة و العشرون من المختار فی باب الخطب و هی مرویّة فی البحار من کتاب عیون الحکمة و المواعظ باختلاف و زیادة کثیرة تقف علیها إنشاء اللّه بعد الفراغ من شرح ما أورده السّید فی المتن، و هو قوله علیه السّلام:

دار بالبلاء محفوفة، و بالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، و لا تسلم نزّالها، أحوال مختلفة، و تارات متصرّفة، العیش فیها مذموم، و الأمان منها معدوم، و إنّما أهلها فیها أغراض مستهدفة، ترمیهم بسهامها، و تفنیهم بحمامها.

اللغة:

(سلم) المسافر یسلم من باب تعب نجا و خلص من الافات و (تارات) جمع تارة و هی مرّة واحدة و (الأغراض) جمع الغرض و هی الهدف الّذی یرمی إلیه السّهام و (المستهدفة) بصیغة الفاعل أی منتصبة للرمی إلیها، و فی بعض النّسخ بصیغة المفعول أی جعلت هدفا.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 323

الاعراب:

قوله علیه السّلام: دار، خبر لمبتدأ محذوف أی الدّنیا دار، و قوله: أحوال مختلفة أیضا خبر محذوف المبتدأ أی أحوالها أحوال مختلفة، و قوله: الأمان منها معدوم، فی نسخة الشّارح المعتزلی و کذا البحرانی بدل منها فیها، و قوله: ترمیهم بسهامها الباء للتّعدیة إلی المفعول الثّانی أی ترمی إلیهم سهامها، و قوله: تفنیهم بحمامها الباء للالة.

المعنی:

اعلم أنّ الغرض من هذه الخطبة الشریفة الثّنفیر عن الدّنیا و التّحذیر منها و التّنبیه علی مساویها و مخازیها الموجبة للنّفرة و الحذر، قال علیه السّلام (دار بالبلاء محفوفة) أی حفّت بالمکاره و البلیّات و أحاطت بها من کلّ جانب الالام و الافات و فی نسبة محفوفة إلی الدّار توسّع و المراد کون أهلها محفوفة بها.

استعاره (و بالغدر معروفة) قال الشّارح البحرانی: استعار لفظ الغدر عمّا یتوهّم الانسان دوامها علیها من أحوالها المعجبة له کالمال و الصحّة و الشّباب فکأنّه فی مدّة بقاء تلک الأحوال قد أخذ منها عهدا فکأن التغیّر العارض لها المستلزم لزوال تلک الأحوال أشبه شیء بالغدر، انتهی.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 324

أقول: مراده علیه السّلام أنّها مشهورة بالغدر و الخداع، معروفة بالمکر و الغرور غیر مختفیة حیلتها و مکیدتها علی أهل البصیرة، لأنّها بکونها حلوة خضرة محفوفة بالشهوات و مهیّاة للامال و الامنیّات، أعجبت النّاس بشهواتها العاجلة و تحبّبت إلیهم بلذّاتها الحاضرة، و تزیّنت بالغرور، فاغترّ بها کلّ من کان غافلا عن مکیدتها و افتتن بحبّها کلّ من کان جاهلا بحقیقتها، حتّی إذا أوقعتهم فی حبائل محبّتها أبدت ما کان مضمرا فی باطنها من مکرها و حیلتها، فلم یکن امرء منها فی حبرة إلّا أعقبته بعدها عبرة و لم یلق من سرّائها بطنا إلّا منحته من ضرّائها ظهرا، و لم ینل أحد من غضارتها رغبا إلّا أرهقته من نوائبها تعبا، فکم من واثق بها قد فجعته، و ذی طمأنینة قد صرعته، و ذی ابهة قد جعلته حقیرا، و ذی نخوة قد ردّته ذلیلا.

و کفی فی ایضاح غدرها ما قاله بعض قدماء أهل الحقیقة و البصیرة من أنها الاخذة ما تعطی و المورثة بعد ذلک التبعة، السالبة لمن تکسو و المورثة بعد ذلک العری، الواضعة لمن ترفع و المورثة بعد ذلک الجزع، التارکة لمن یعشقها و المورثة بعد ذلک الشقوة، المغویة لمن أطاعها الغدّارة بمن أئتمنها، هی المحبوبة التی لا تحبّ أحدا، الملزومة التی لا تلزم أحدا یوف لها و تغدر، و یصدق لها و تکذب و ینجز لها فتخلف، هی المعوّجة لمن استقام بها، و المتلاعبة بمن استمکنت منه بیناهی تطعمه إذ حولته مأکولا، و بیناهی تخدمه إذ جعلته خادما، و بیناهی تضحکه إذ ضحکت منه، و بیناهی تشتمه إذ شتمت منه، و بیناهی تبکیه إذ بکت علیه، و بیناهی قد بسطت یده بالعطیة إذ بسطتها بالمسألة، و بینا هو فیها عزیز إذ أذلّته، و بینا هو فیها مکرّم إذ أهانته، و بینا هو فیها معظم إذ حقرته، و بینا هو فیها رفیع إذ وضعته، و بینا هی له مطیعة إذ عصته، و بینا هو فیها مسرور إذ أحزنته، و بینا هو فیها شبعان إذ أجاعته، و بینا هو فیها حیّ إذ أماتته.

فافّ لها من دار هذه صفتها تضع التاج علی رأسه غدوة، و تعفّر خدّه بالتراب

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 325

عشیة، و تحلی الأیدی بالأسورة عشیّة، و تجعلها فی الأغلال غدوة، و تقعد الرّجل علی السریر غدوة، و ترمی به فی السجن عشیّة، تفرش له الدّیباج عشیّة، و تفرش له التراب غدوة، و تجمع له الملاهی و المعازف غدوة، و تجمع علیه النوائح و النوادب عشیّة، تحبّب إلی أهله قربه عشیّة، و تحبّب إلیهم بعده غدوة، تطیب ریحه غدوة، و تنتن ریحه عشیّة.

فهو فی کلّ ساعة متوقّع لسطوتها غیر آمن غدرها و خدیعتها، غیر ناج من بلائها و فتنها، تمتّع نفسه من أحادیثها، و عینه من أعاجیبها، و یده من جمعها، ثمّ یصبح باکی العینین، صفر الیدین، فی أودیة الندامة و الحسرة و الخذلان حیران.

و من ذلک کلّه علم أنها (لا تدوم أحوالها) بل یصیر حیاتها موتا و غناؤها فقرا و فرحها ترحا، و صحتها سقما، و قوّتها ضعفا، و عزّها ذلا، إلی غیر هذه من حالاتها المتبدّلة المتغیّرة.

 (و لا تسلم نزالها) أی لا تسلم النازل فی تلک الدّار من آلامها و آفاتها و صدماتها بل هو فی کلّ آن مترقّب لإصابة مکروه، و جل من کلّ بلاء.

فانّ کلّ ذی جسد فیها لا ینفکّ جسده من أنّ الحرّ یذیبه، و البرد یجمده و السّموم یتخلّله، و الماء یغرقه، و الشّمس تحرقه، و الهواء یسقمه، و السّباع یفترسه، و الطّیر تنقره، و الحدید یقطعه، و الصّدم یحطمه.

ثمّ هو معجون بطینة من ألوان الأسقام و الأوجاع و الأمراض، فهو مرتهن بها مترصّد لها دائما، لکونه مخلوقا من الأخلاط الأربعة الّتی لو غلب أحدها علی الاخر أحدث أنواعا من المرض ألا تری إنّ أصحّ الأخلاط و أقربها إلی الحیاة هو الدّم، فاذا خرج عن حدّ الاعتدال یموت صاحبه بموت الفجأة و الطّاعون و الاکلة و السّرسام.

هذا کلّه مع ماله من مقارنة الافات السّبع الّتی لا یتخلّص منها ذو جسد، و هی الجوع، و الظّماء، و الحرّ، و البرد، و الخوف، و الجوع «و المرض ظ» و الموت.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 326

أحوالها (أحوال مختلفة) إن جانب منها اعذوذب و احلولی أمرّ منها جانب فأوبی، لم تطل علی أحد فیها دیمة رخاء إلّا هتنت علیه مزنة بلاء، و لم یمس امرء منها فی جناح أمن إلّا أصبح علی قوادم خوف.

(و تارات متصرّفة) یعنی أنّ حالاتها تتغیّر بأهلها تارة بعد اخری، و مرّة بعد مرّة، فانّها تنقل أقواما من الجدب إلی الخصب و من الرّجلة إلی الرّکب، و من البؤس إلی النّعمة، و من الشدّة إلی الرّخاء، و من الشّقاء إلی الرّاحة، ثمّ تنقلب بهم فتسلبهم الخصب و تنزع منهم النّعمة و الرّاحة.

و محصّله أنّها دار تصرّف و انتقال و تقلّب من حال إلی حال صحّتها تتبدّل بالسّقم، و شبابها بالهرم، و غناها بالفقر، و فرحها بالتّرح، و سرورها بالحزن، و عزّها بالذّل، و أمنها بالخوف.

بینا تری المرء فیها مغتبطا محبورا و ملکا مسرورا فی خفض و دعة و نعمة و لذّة و أمن وسعة، فی بهجة من شبابه و حداثة من سنّه، و بهاء من سلطانه، و صحّة من بدنه إذا انقلبت به الدّنیا أسرّ ما کان فیها قلبا، و أطیب ما کان فیها نفسا، و أقرّ ما کان فیها عینا، و ألذّ ما کان فیها عیشا، فأخرجته من ملکها و غبطتها و خفضها و دعتها و بهجتها، فأبدلته بالعزّ ذلّا، و بالسّرور حزنا، و بالنّعمة نقمة، و بالغنی فقرا، و بالسّعة ضیقا، و بالشّباب هرما، و بالشّرف ضعة و بالحیاة موتا.

ففارق الأحبّة و فارقوه، و خذله إخوانه و ترکوه، و صار ما جمع فیها مفرّقا و ما عمل فیها متبّرا، و ما شیّد فیها خرابا و صار اسمه مجهولا، و ذکره منسیّا، و حسبه خاملا، و جسده بالیا، و شرفه وضیعا، و نعمته وبالا، و کسبه خسارا، و ورث أعداؤه سلطانه، و استذلّوا عقبه، و استباحوا حریمه، و تملّکوا أمواله، و نقضوا عهده و ملکوا جنوده، فافّ و تفّ لدار حالها هذا، و شأن ساکنها ذلک، وفّقنا اللّه تعالی للزّهد فیها و الاعراض عنها.

و بما ذکرنا ظهر أنّ (العیش فیها مذموم) و أراد بالعیش التّرفّه فیها و التنعّم بلذّاتها و الالتذاذ بشهواتها و إنّما کان مذموما لکونه شاغلا عن التّوجّه

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 327

إلی الحقّ و عن الالتفات إلی الاخرة، و معقّبا للنّدم و الحسرة الطّویلة و العذاب الشّدید یوم القیامة.

قد وقع ذمّه فی کتاب اللّه تعالی و علی ألسنة الأنبیاء و الرّسل متجاوزا عن حدّ الاحصاء قال تعالی  «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَکُمْ وَ تَکاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلاد کَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْکُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَکُونُ حُطاماً وَ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدیدٌ» و قال أیضا «مَنْ کانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ. أُولئِکَ الَّذینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبطَ ما صَنَعُوا فِیها وَ باطِلٌ ما کانُوا یَعْمَلُونَ»  و قد وقع تشبیه المتنعّم باللّذات الدّنیویّة و المتلذّذ بشهواتها الملهیة له عن التّوجّه إلی عاقبة أمره و الالتفات إلی مال حاله فی کلام الحکماء برجل حمل علیه فیل مغتلم، فانطلق مولّیا هاربا، فاتّبعه الفیل فغشیه حتّی اضطرّه إلی بئر فتدلّی فیها و تعلّق بغصنین نابتین علی شفیر البئر، فاذا فی أصلهما جرذان یقرضان الغصنین أحدهما أبیض و الاخر أسود، فلمّا نظر إلی تحت قدمیه فاذا رءوس أربع أفاع قد طلعن من جحرهن، فلمّا نظر إلی قعر البئر إذا تنین فاغر فاه نحوه یرید التقامه، فلما رفع رأسه إلی أعلی الغصنین إذا علیهما شیء من عسل النّحل فألهاه ما طعم منه و ما نال من لذّة العسل و حلاوته عن الفکر فی أمر الأفاعی اللواتی لا یدری متی یبادرونه، و ألهاه عن التّنین الّذی لا یدری کیف مصیره بعد وقوعه فی لهواته أما الفیل فهو الأجل، و أمّا البئر فالدّنیا المملوّة من الافات و البلایا و الشرور و أمّا الغصنان فالعمر، و أمّا الجرذان فاللیل و النّهار یسرعان فی قطع العمر، و أمّا الأفاعی الأربعة فالأخلاط الأربعة الّتی هی السّموم القاتلة من المرّة و البلغم و الرّیح و الدّم الّتی لا یدری صاحبها متی تهیج به، و أمّا التّنین الفاغر فاه لیلتقمه فالموت الرّاصد الطالب، و أمّا العسل الّذی اغترّ بأکله فما ینال النّاس من عیش الدّنیا و لذّتها و شهوتها و نعیمها و دعتها من لذّة الطّعام و الشّراب و اللباس و الشم و اللّمس و البصر، هذا هو العیش المذموم.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 328

و بقباله العیش الممدوح و هو العیش الهنیء الّذی اشیر إلیه فی الحدیث القدسی المرویّ فی البحار من إرشاد القلوب للّدیلمی عن أمیر المؤمنین علیه السّلام إنّ اللّه تعالی شأنه قال للنّبیّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم لیلة المعراج فی جملة مخاطباته: یا أحمد هل تدری أیّ عیش أهنی و أیّ حیاة أبقی؟ قال: اللهمّ لا، قال: أمّا العیش الهنیء فهو الّذی لا یفتر صاحبه عن ذکری و لا ینسی نعمتی و لا یجهل حقّی، یطلب رضائی فی لیله و نهاره، و أمّا الحیاة الباقیة فهی الّتی تعمل لنفسه حتّی تهون علیه الدّنیا و تصغر فی عینه و تعظم الاخرة عنده و یؤثر هوای علی هواه، و یبتغی مرضاتی، و یعظّم حقّ عظمتی، و یذکر عملی به، و یراقبنی باللیل و النّهار عند کلّ سیّئة أو معصیة، و ینقی قلبه عن کلّ ما أکره، و یبغض الشیطان و وساوسه، و لا یجعل لابلیس علی قلبه سلطانا و لا سبیلا، فاذا فعل ذلک أسکنت قلبه حبّا حتّی اجعل قلبه لی و فراغه و اشتغاله و همّه و حدیثه من النّعمة الّتی أنعمت بها علی أهل محبّتی من خلقی و أفتح عین قلبه و سمعه حتّی یسمع بقلبه و ینظر بقلبه إلی جلالی و عظمتی، و أضیّق علیه الدّنیا و أبغّض إلیه ما فیها من اللذات، و أحذّره من الدّنیا و ما فیها کما یحذّر الرّاعی علی غنمه مراتع الهلکة فاذا کان هکذا یفرّ من النّاس فرارا، و ینقل من دار الفناء إلی دار البقاء، و من دار الشیطان إلی دار الرّحمن، یا أحمد لأزیننّه بالهیبة و العظمة، فهذا هو العیش الهنیء و الحیاة الباقیة، و هذا مقام الرّاضین، الحدیث (و الأمان فیها معدوم) لأنها إذا کانت بالبلاء محفوفة و بالخدیعة موصوفة مختلفة الحالات متصرّفة التارات حسبما عرفت تفصیلا و توضیحا فکیف یؤمن من بوائقها و یطمئنّ من طوارقها، و کیف یسلم من فجعتها و یستراح من خدعتها، و یتخلّص من غیلتها؟!.

فهی غرارة ضرارة حائلة زائلة نافذة بائدة أکالة غوّالة حیّها بعرض موت و صحیحها بعرض سقم، ملکها مسلوب، و مالها منهوب، و عزیزها مغلوب، و موفورها منکوب، کیف لا و قد رایتها تنکرها لمن أمن بها و دان لها و اطمئنّ إلیها حتّی ظعنوا عنها لفراق الأبد هل زوّدتهم إلّا السغب، أو أحلّتهم إلّا الضنک،

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 14، ص: 329

أو نوّرت لهم إلّا الظلمة، أو أعقبتهم الّا الحسرة و الندامة، فبئست الدّار لمن لم یتّهمها و لم یکن فیها علی وجل.

استعاره مرشحة- استعارة مکنیة تخییلیة ترشیحیة (و انما أهلها فیها أغراض مستهدفة ترمیهم بسهامها) قال الشارح البحرانی استعار لفظ الأغراض و رشح بذکر الاستهداف و کذلک استعار لفظ الرّمی لایقاع المصائب بهم و رشح بذکر السهام.

أقول: بل هو استعارة مکنیة تخییلیة ترشیحیة فانّه علیه الصلاة و السلام شبه الدّنیا بنبال ینصب غرضا و یتّخذ هدفا یرمی إلیه بسهامه، فطوی عن ذکر المشبّه به و ذکر المشبّه کما هو شأن الاستعارة المکنیة، و أثبت له ما هو من لوازم المشبّه به تخییلا و هو الأغراض و السهام، و رشح بذکر ما هو من ملایمات المشبّه به و هو الرّمی و الاستهداف.

و محصّل المراد أنّ الناس فی الدّنیا بمنزلة أغراض منصوبة للهدفیة ترمی الدّنیا إلیهم بسهامها أی مصائبها و محنها و آلامها قال الشاعر:

رمانی الدّهر بالارزاء حتّی          فؤادی فی غشاء من نبال        

فصرت إذا أصابتنی سهام          تکسّرت النصال علی النصال    

و قوله علیه السّلام (و تفنیهم بحمامها) ترشح آخر أی تهلکهم بموتها.

الترجمة:

از جمله خطب شریفه آن حضرتست در تنفیر أز دنیا و تنبیه بسرعت زوال آن می فرماید:

دنیا خانه ایست ببلا احاطه کرده شده، و با مکر و حیله اشتهار یافته، ثبات ندارد حالات آن، و سلامت نمی ماند نازل شوندگان آن، حالهای آن حالتهای مختلف است، و مرّات متغیّر و متبدّل تعیّش و التذاذ در آن مذموم است، و أیمنی در آن معدوم است، و جز این نیست که أهل دنیا در دنیا نشانگاهانی هستند که نصب شده اند بنشانگی می اندازد دنیا بایشان با تیرهای خود، و فانی می سازد ایشان را با مرگ خود.