[hadith]وَ إِنَّ لِلذِّکْرِ لَأَهْلًا أَخَذُوهُ مِنَ الدُّنْیَا بَدَلًا، فَلَمْ تَشْغَلْهُمْ تِجَارَةٌ وَ لَا بَیْعٌ عَنْهُ، یَقْطَعُونَ بهِ أَیَّامَ الْحَیَاةِ وَ یَهْتِفُونَ بالزَّوَاجِرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فِی أَسْمَاعِ الْغَافِلِینَ وَ یَأْمُرُونَ بالْقِسْطِ وَ یَأْتَمِرُونَ بهِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَ یَتَنَاهَوْنَ عَنْهُ؛ [فَکَأَنَّهُمْ] فَکَأَنَّمَا قَطَعُوا الدُّنْیَا إِلَی الْآخِرَةِ وَ هُمْ فِیهَا فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِکَ، فَکَأَنَّمَا اطَّلَعُوا غُیُوبَ أَهْلِ الْبَرْزَخِ فِی طُولِ الْإِقَامَةِ فِیهِ وَ حَقَّقَتِ الْقِیَامَةُ عَلَیْهِمْ عِدَاتِهَا، فَکَشَفُوا غِطَاءَ ذَلِکَ لِأَهْلِ الدُّنْیَا حَتَّی کَأَنَّهُمْ یَرَوْنَ مَا لَا یَرَی النَّاسُ وَ یَسْمَعُونَ مَا لَا یَسْمَعُونَ. فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ لِعَقْلِکَ فِی مَقَاوِمِهِمُ الْمَحْمُودَةِ وَ مَجَالِسهِمُ الْمَشْهُودَةِ، وَ قَدْ نَشَرُوا دَوَاوِینَ أَعْمَالِهِمْ وَ فَرَغُوا لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسهِمْ عَلَی کُلِّ صَغِیرَةٍ وَ کَبیرَةٍ أُمِرُوا بهَا فَقَصَّرُوا عَنْهَا أَوْ نُهُوا عَنْهَا فَفَرَّطُوا فیهَا، وَ حَمَّلُوا ثِقَلَ أَوْزَارِهمْ ظُهُورَهُمْ فَضَعُفُوا عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بهَا فَنَشَجُوا نَشیجاً وَ تَجَاوَبُوا نَحِیباً، یَعِجُّونَ إِلَی رَبِّهِمْ مِنْ مَقَامِ نَدَمٍ وَ اعْتِرَافٍ؛ لَرَأَیْتَ أَعْلَامَ هُدًی وَ مَصَابیحَ دُجًی، قَدْ حَفَّتْ بهِمُ الْمَلَائِکَةُ وَ تَنَزَّلَتْ عَلَیْهِمُ السَّکِینَةُ وَ فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ أُعِدَّتْ لَهُمْ مَقَاعِدُ الْکَرَامَاتِ فِی مَقْعَدٍ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِیهِ، فَرَضِیَ سَعْیَهُمْ وَ حَمِدَ مَقَامَهُمْ، یَتَنَسَّمُونَ بدُعَائِهِ رَوْحَ التَّجَاوُز رَهَائِنُ فَاقَةٍ إِلَی فَضْلِهِ وَ أُسَارَی ذلَّةٍ لِعَظَمَتِهِ، جَرَحَ طُولُ الْأَسَی قُلُوبَهُمْ وَ طُولُ الْبُکَاءِ عُیُونَهُمْ، لِکُلِّ بَاب رَغْبَةٍ إِلَی اللَّهِ مِنْهُمْ یَدٌ قَارِعَةٌ، یَسْأَلُونَ مَنْ لَا تَضِیقُ لَدَیْهِ الْمَنَادحُ وَ لَا یَخِیبُ عَلَیْهِ الرَّاغِبُونَ. فَحَاسبْ نَفْسَکَ لِنَفْسکَ، فَإِنَّ غَیْرَهَا مِنَ الْأَنْفُس لَهَا حَسیبٌ غَیْرُکَ.[/hadith]