[hadith]فضائل الفرائض:‏

وَ لَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِینَ یَتَعَصَّبُ لِشَیْ‏ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِیهَ الْجُهَلَاءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِیطُ بعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَیْرَکُمْ، فَإِنَّکُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ مَا یُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لَا عِلَّةٌ؛ أَمَّا إِبْلِیسُ فَتَعَصَّبَ عَلَی آدَمَ لِأَصْلِهِ وَ طَعَنَ عَلَیْهِ فِی خِلْقَتِهِ، فَقَالَ أَنَا نَارِیٌّ وَ أَنْتَ طِینِیٌ.‏

عصبیة المال:‏

وَ أَمَّا الْأَغْنِیَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الْأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ فَ «قالُوا نَحْنُ أَکْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بمُعَذَّبینَ»؛ فَإِنْ کَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبیَّةِ، فَلْیَکُنْ تَعَصُّبُکُمْ لِمَکَارِمِ الْخِصَالِ وَ مَحَامِد الْأَفْعَالِ وَ مَحَاسنِ الْأُمُورِ الَّتِی تَفَاضَلَتْ فِیهَا الْمُجَدَاءُ وَ النُّجَدَاءُ مِنْ بُیُوتَاتِ الْعَرَب وَ یَعَاسیب القَبَائِلِ، بالْأَخْلَاقِ الرَّغِیبَةِ وَ الْأَحْلَامِ الْعَظِیمَةِ وَ الْأَخْطَارِ الْجَلِیلَةِ وَ الْآثَارِ الْمَحْمُودَةِ، فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْد مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ الْوَفَاءِ بالذِّمَامِ وَ الطَّاعَةِ لِلْبرِّ وَ الْمَعْصِیَةِ لِلْکِبْرِ وَ الْأَخْذ بالْفَضْلِ وَ الْکَفِّ عَنِ الْبَغْیِ وَ الْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ الْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ الْکَظْمِ لِلْغَیْظِ وَ اجْتِنَاب الْفَسَاد فِی الْأَرْضِ.[/hadith]

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 353

و لقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمین یتعصّب لشیء من الأشیاء إلّا عن علّة تحتمل تمویه الجهلاء، أو حجّة تلیط بعقول السّفهاء غیرکم، فإنّکم تتعصّبون لأمر لا (ما خ) یعرف له سبب و لا علّة، أمّا إبلیس فتعصّب علی آدم لأصله، و طعن علیه فی خلقته، فقال: أنا ناریّ و أنت طینیّ، و أمّا الأغنیاء من مترفة الامم فتعصّبوا لاثار «إلی آثار خ» مواقع النّعم فقالوا- نحن اکثر أموالا و أولادا و ما نحن بمعذّبین. فإن کان لا بدّ من العصبیّة فلیکن تعصّبکم لمکارم الخصال، و محامد الأفعال، و محاسن الامور الّتی تفاضلت فیها المجداء و النّجداء من بیوتات العرب، و یعاسیب القبائل بالأخلاق الرّغیبة، و الأحلام العظیمة، و الأخطار الجلیلة، و الأثار المحمودة. فتعصّبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار، و الوفاء بالذّمام، و الطّاعة للبرّ، و المعصیة للکبر، و الأخذ بالفضل، و الکفّ عن البغی، و الإعظام للقتل، و الإنصاف للخلق، و الکظم للغیظ، و اجتناب الفساد فی الأرض.

اللغة:

و (التمویه) التدلیس یقال موّهت النحاس أو الحدید تمویها أی طلیته بالذهب أو الفضة و (مواقع) النعم جمع موقع اسم مکان و یحتمل المصدر و (المجداء) جمع مجید مثل فقهاء و فقیه و هو الرفیع العالی و الکریم الشریف الفعال (و النجداء) کفقهاء أیضا جمع نجید و هو الشجاع الماضی فیما یعجز غیره.

 (و الیعسوب) أمیر النحل و رئیس القوم و (الأخطار) جمع خطر بالتحریک کأسباب و سبب و هو القدر و المنزلة و (الجوار) بالکسر أن تعطی الرّجل ذمّة فیکون بها جارک فتجیره و مصدر جاور یقال جاوره مجاورة و جوارا و جوارا بالضمّ و الکسر صار جاره و (الذّمام) أیضا الحق و الحرمة و ما یذمّ به الرّجل علی إضاعته من العهد.

الاعراب:

و عن، فی قوله: عن علّة، للتعلیل أو بمعنی من النشویة، و غیرکم، بالنصب استثناء من قوله: أحدا، و العامل وجدت، و قوله: بالاخلاق الرغیبة، متعلّق بقوله: تفاضلت.

المعنی:

و لما حذّرهم علیه السّلام من البغی و الظلم و الکبر أردفه بتوبیخهم علی العصبیّة و العناد من دون علّة مقتضیة لذلک فقال: (و لقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمین یتعصّب لشیء من الأشیاء إلّا عن علة) مقتضیة لتعصّبه حاملة له علیه (تحتمل) و فی بعض النسخ تحمل (تمویه الجهلاء) أی تلبیس الأمر علیهم حتّی یزعمون لمکان جهالتهم صحّة تلک العلّة مع بطلانها فی نفس الأمر (أو حجّة) و دلیل (تلیط بعقول السفهاء) أی تلتصق بعقولهم و یظنّون بمالهم من السفاهة حقّیتها مع أنها باطلة فی الحقیقة (غیرکم) فیقبلونها أی ما وجدت أحدا یتعصّب بشیء إلّا وجدت تعصّبه ناشئا من علّة غیرکم، و بعبارة اخری وجدت کلّ أحد یتعصّب لعلّة إلّا أنتم.

 (فانّکم تتعصّبون لأمر لا یعرف له سبب و لا علة) حاملة لتمویه الجهلاء و ملتصقة بعقول السفهاء.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 365

و لیس المراد نفی مطلق السبب للعصبیّة، لما قد مرّ فی شرح الفصل الأوّل و الثالث من الخطبة من أنّ سبب تعصّبهم و ثوران الفتنة بینهم هو اعتزاء الجاهلیة الّذی کان بینهم، و إنّما المراد نفی سبب ذلک الاعتزاء، یعنی أنکم تتعصّبون لأمر و هو الاعتزاء لیس لذلک الأمر سبب معروف ظاهر مقبول و لو عند الجهال فاذا لم یکن للاعتزاء سبب مقبول تکون سببیّته للعصبیّة أیضا سخیفة هیّنة، فیکون تعصّبهم له بمنزلة التعصّب لا لعلّة، هذا.

و لما ذکر اجمالا أنّ تعصّب کلّ متعصّب من العالمین فانّما هو علّة مقتضیة له أراد تفصیل ذلک الاجمال بالاشارة إلی بعض علل التعصّب الناشی من المتعصّبیة فقال:

 (أما إبلیس) اللعین و هو رئیس المتعصّبین و المستکبرین (فتعصّب علی آدم لأصله) و استکبر علیه بشرف جوهره علی زعمه لکونه مخلوقا من النار (و طعن علیه فی خلقته) لکونه مخلوقا من الطین، ففضل نفسه علیه قیاسا للفرع علی الأصل فی الشرف و الخسة (فقال أنا ناریّ و أنت طینی) فکانت علة تعصّبه أنه تعزّز بخلقة النار و استوهن خلق الصلصال.

روی فی الکافی عن داود بن فرقد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: إنّ الملائکة یحسبون أنّ ابلیس منهم و کان فی علم اللّه أنّه لیس منهم فاستخرج ما فی نفسه بالحمیّة و الغضب، فقال خلقتنی من نار و خلقته من طین.

و قد مرّ تفصیل الکلام فی قیاسه و بطلان قیاسه فی شرح الفصل الحادی عشر من المختار الأوّل و شرح الفصل الأوّل من هذا المختار الذی نحن بصدد شرحه، من أراد الاطلاع علیه فلیراجع الفصلین.

 (و أمّا الأغنیاء من مترفة الأمم) أی الامم المترفة و هم الذین أطغتهم النعمة أو المتنعّمون الذین لا یمنع من تنعّمهم أو المتروکون یصنعون ما یشاؤن و لا یمنعون (فتعصّب و الاثار مواقع النعم).

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 366

قال المحدّث العلّامة المجلسیّ «ره»: مواقع النعم هی الأموال و الأولاد، و آثارها هی الترفّه و الغنی و التلذّذ بها.

و بمثله قال الشارح البحرانی حیث قال: مواقعها هی الأموال و الأولاد، و آثار تلک المواقع هی الغنی و الترفّه بها و التنعّم و الالتذاذ و کان تعصّبهم لذلک و فخرهم به، ثمّ قال: و یحتمل أن یرید بالنعم الأموال و الأولاد و بمواقعها وقوعها، فانه کثیرا ما یرید بمفعل المصدر و آثارها هی الغنی و الترفّه کما قدّمنا.

و کیف کان فالمقصود أنّ تعصّب المترفین و تفاخرهم إنما کان بسبب کثرة الأموال و الأولاد کما أقرّوا به اقتباس (فقالوا نحن أکثر أموالا و أولادا و ما نحن بمعذّبین) و هو اقتباس من الایة الشریفة فی سورة سباء قال سبحانه  «وَ ما أَرْسَلْنا فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بما أُرْسلْتُمْ بهِ کافِرُونَ. وَ قالُوا نَحْنُ أَکْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بمُعَذَّبینَ» .

قال الطبرسی «و ما ارسلنا فی قریة من نذیر» أی من نبیّ مخوف باللّه تعالی  «إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها» أی جبابرتها و اغنیاؤها المتنعّمون فیها «إِنَّا بما أُرْسلْتُمْ بهِ کافِرُونَ» و فی هذا بیان للنّبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أنّ أهل قریته جروا علی منهاج الأوّلین، و إشارة إلی أنّه کان اتباع الأنبیاء فیما مضی الفقراء و أوساط الناس دون الأغنیاء.

ثمّ بین سبحانه علّة کفرهم بأن قال  «وَ قالُوا نَحْنُ أَکْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً» أی افتخروا بأموالهم و أولادهم ظنّا بأنّ اللّه سبحانه انما خوّلهم المال و الولد کرامة لهم عنده فقالوا إذا رزقنا و حرمتم فنحن اکرم منکم و أفضل عند اللّه تعالی فلا یعذّبنا علی کفرنا بکم و ذلک قوله  وَ ما نَحْنُ بمُعَذَّبینَ* و لم یعلموا أنّ الأموال و الأولاد عطاء من اللّه تعالی یستحقّ به الشکر علیهم، و لیس ذلک للاکرام و التفضیل، هذا.

و لمّا وبّخهم علی التعصّبات الباطلة أرشدهم إلی التعصّبات المرغوبة فی الشریعة فقال:

 (فإن کان و لا بدّ من العصبیّة فلیکن تعصّبکم لمکارم الخصال) و فی بعض النسخ لمکارم الأخلاق و المعنی واحد، و قد مضی تفصیلها فی شرح الفصل الثالث من الخطبة

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 367

السادسة و الثمانین، و أقول هنا:

روی فی الوسائل من الخصال عن الحسن بن عطیة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال:

المکارم عشر فان استطعت أن تکون فیک فلتکن فانها تکون فی الرجل و لا تکون فی ولده، و تکون فی ولده و لا تکون فی أبیه، و تکون فی العبد و لا تکون فی الحرّ: صدق النّاس «البأس خ»، و صدق اللسان، و اداء الامانة، و صلة الرحم، و إقراء الضیف، و إطعام السائل، و المکافاة علی الصنائع، و التذمّم للجار، و التذمّم للصّاحب، و رأسهنّ الحیاء.

و فی الوسائل من معانی الأخبار و أمالی الصّدوق عن حماد بن عثمان قال: جاء رجل الی الصادق علیه السّلام فقال: یا ابن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أخبرنی عن مکارم الأخلاق فقال: العفو عمّن ظلمک، و صلة من قطعک، و إعطاء من حرمک، و قول الحقّ و لو علی نفسک (و محامد الأفعال).

روی فی الوسائل من المجالس عن المفضّل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمّد علیهما السّلام إنّه قال: علیکم بمکارم الأخلاق، فانّ اللّه عزّ و جلّ یحبّها، و إیّاکم و مذامّ الأفعال فانّ اللّه عزّ و جلّ یبغضها، و علیکم بتلاوة القرآن «إلی أن قال» و علیکم بحسن الخلق فانّه یبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، و علیکم بحسن الجوار فانّ اللّه جلّ جلاله أمر بذلک، و علیکم بالسّواک فانّه مطهّرة و سنّة حسنة، و علیکم بفرائض اللّه فأدّوها، و علیکم بمحارم اللّه فاجتنبوها.

 (و محاسن الامور الّتی تفاضلت فیها المجداء و النجداء) أی أولو لشّرف و الکرم و الشجاعة (من بیوتات العرب و یعاسیب القبایل) أی رؤسائها و ساداتها و ذلک:

مثل ما رواه فی الکافی عن حبیب بن ثابت عن علیّ بن الحسین علیهما السّلام قال: لم یدخل الجنّة حمیّة غیر حمیّة حمزة بن عبد المطلب، و ذلک حین أسلم غضبا للنبیّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فی حدیث السلا الذی القی علی النبیّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فانّ تعصّبه للنبیّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم و دخوله فی الاسلام إنما نشأ من فرط الغیرة و العصبیّة بمقتضی سودده و شرف نسبه و علوّ حسبه و هکذا کان عادة الأشراف و الأنجاد فانهم انّما کانوا یتعصّبون و یتفاضلون (بالأخلاق الرغیبة) المرغوب فیها (و الأحلام) أی العقول (العظیمة و الأخطار) أی الأقدار و المراتب (الجلیلة و الاثار المحمودة).

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 368

و قد اشیر الیها فی الحدیث النّبوی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم المرویّ فی الوسائل قال: قال النبیّ صلّی اللّه علیه و آله إنّ خیارکم أولو النّهی، قیل: یا رسول اللّه من أولو النهی؟ قال:

هم اولو الأخلاق الحسنة، و الأحلام الرزینة، و صلة الأرحام، و البررة بالأمّهات و الاباء، و المتعاهدون بالجیران و الیتامی، و یطعمون الطعام و یفشون السلام فی العالم و یصلّون و الناس نیام غافلون.

و لما قال: فان کان و لا بدّ من العصبیّة فلیکن تعصّبکم لمکارم الأخلاق و محامد الأفعال نبّه علی تفصیلها بقوله  (فتعصّبوا لخلال الحمد) أی للخصال المحمودة و أورد منها هنا عشرا.

الاولی ما أشار إلیه بقوله  (من الحفظ للجوار) یحتمل أن یکون المراد به حسن المجاورة و حفظ حقوق الجیران.

ففی الکافی عن معاویة بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: حسن الجوار یعمر الدّیار و ینسی الأعمار.

و عن أبی مسعود قال: قال لی أبو عبد اللّه علیه السّلام: حسن الجوار زیادة فی الأعمار و عمارة الدّیار.

و فی الوسائل عن الصّدوق باسناده عن شعیب بن واقد عن الحسین بن زید عن الصادق عن آبائه عن علیّ علیهم السّلام عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فی حدیث المناهی قال: من اذی جاره حرّم اللّه علیه ریح الجنّة و مأواه جهنّم و بئس المصیر، و من ضیّع حقّ جاره فلیس منّا، و ما زال جبرئیل یوصینی بالجار حتّی ظننت أنّه سیورثه.

قال بعض الأعلام: لیس حسن الجوار کفّ الأذی فقط، بل تحمّل الأذی منه أیضا، و من جملة حسن الجوار ابتداؤه بالسلام، و عیادته فی المرض، و تعزیته فی المصیبة، و تهنیته فی الفرح، و الصفح عن زلّاته، و عدم التطلّع علی عوراته، و ترک مضایقته فیما یحتاج إلیه من وضع جذوعه علی جدارک، و تسلّط میزابه إلی دارک و ما أشبه ذلک.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 369

و یحتمل أن یکون المراد بالجوار أن تعطی رجلا ذمّته و أمانا یکون بذلک جارک، قال الطریحی: و فی الحدیث أیّما رجل نظر إلی رجل من المشرکین فهو جارحتی یسمع کلام اللّه أی فی أمن لا یظلم و لا یؤذی و علی هذا فمعنی الحفظ للجوار هو المحافظة علی ما اعطیته من الذمام و القیام بلوازمه و عدم الاضاعة له.

 (و) الثانیة (الوفاء بالذمام) أی الوفاء بالعهد و الأمان.

روی فی الوسائل عن الکلینیّ عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النّوفلیّ عن السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قلت له: ما معنی قول النّبی صلّی اللّه علیه و آله: المسلمون تتکافا دماؤهم و یسعی بذمّتهم أدناهم؟ قال صلّی اللّه علیه و آله و سلّم: لو أنّ جیشا من المسلمین حاصروا قوما من المشرکین فأشرف رجل فقال: اعطونی الأمان حتی ألقی صاحبکم و اناظره فأعطاه أدناهم الأمان وجب علی أفضلهم الوفاء به.

و فیه عن الصّدوق بسنده عن حبّة العرنی قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: من ائتمن رجلا علی دمه ثمّ خاس به فأنا من القاتل بریء و إن کان المقتول فی النار.

 (و) الثالثة (الطاعة للبرّ) قیل: البرّ اسم جامع للخیر کلّه فیکون المراد من طاعته الانقیاد له و الاتیان بالخیرات، و یجوز أن یکون بمعنی البارّ أو بحذف المضاف أی لذی البرّ علی حدّ قوله تعالی  «لَیْسَ الْبرُّ بأَنْ تَأْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لکِنَّ الْبرَّ مَنِ اتَّقی»  أی البارّ، أو ذو البرّ هو المتّصف بالتقوی، و علی هذا فالمراد بالطاعة للبرّ هو الطاعة للأبرار المتّقین.

 (و) الرابعة مراعاة النظیر (المعصیة للکبر) أی المجانبة و المخالفة له بالملازمة للتواضع و انّما عبر بلفظة المعصیة لتقدّم لفظ الطاعة و کونها فی قبالها، فعبّر بها لحسن المجاورة و مراعاة للنظیر و هو من محاسن البلاغة.

 (و) الخامسة (الأخذ بالفضل) یجوز أن یراد بالفضل التفضّل و الاحسان علی الغیر، و أن یراد به العمل الصالح و علی أیّ تقدیر فأخذه عبارة عن المواظبة علیه و بهما فسّر قوله سبحانه  «وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ یُمَتِّعْکُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلی أَجَلٍ ...»

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 370

 قال أمین الاسلام الطبرسی قیل: إنّ الفضل بمعنی التفضّل و الافضال أی و یؤت کلّ ذی إفضال علی غیره بمال أو کلام أو عمل بید أو رجل جزاء إفضاله، فیکون الهاء فی فضله عایدا إلی ذی الفضل، و قیل: إنّ معناه یعط کلّ ذی عمل صالح فضله أی ثوابه علی قدر عمله، فانّ من کثرت طاعته فی الدّنیا زادت درجاته فی الجنّة و علی هذا فالأولی أن تکون الهاء فی فضله عائدا إلی اسم اللّه.

أقول: و یرشد إلی المعنیین ما روی فی الکافی عن أبی حمزة الثمالی عن علیّ ابن الحسین علیهما السّلام قال: سمعته یقول: إذا کان یوم القیامة جمع اللّه تبارک و تعالی الأوّلین و الاخرین فی صعید واحد ثمّ ینادی مناد أین أهل الفضل؟ قال: فیقوم عنق من الناس فتلقّاهم الملائکة فیقولون: ما کان فضلکم؟ فیقولون: کنّا نصل من قطعنا، و نعطی من حرمنا، و نعفو عمن ظلمنا، قال: فیقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنّة.

 (و) السادسة (الکفّ عن البغی) أی عن الظلم و الاعتداء و الاستطالة و العدول عن الحقّ.

روی فی الکافی عن ابن القداح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم إنّ أعجل الشرّ عقوبة البغی.

و عن السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: یقول ابلیس لجنوده: القوا بینهم الحسد و البغی فانّهما یعدلان عند اللّه الشرک.

أی یعدلانه فی الاخراج من الدّین و العقوبة و التأثیر فی فساد نظام الخلق.

 (و) السابعة (الاعظام للقتل) أی تعظیمه و عدّه عظیما، و المراد قتل النفس التی حرّم اللّه إلّا بالحقّ فانّه من أکبر الکبائر و أعظم الذنوب قال تعالی «وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِیماً» روی الصّدوق فی عقاب الأعمال عن جابر بن یزید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال أوّل ما یحکم اللّه فی القیامة فی الدّماء فیوقف ابنی آدم فیفصل بینهما، ثمّ الذین یلونهم من أصحاب الدّماء حتّی لا یبقی منهم أحد، ثمّ الناس بعد ذلک فیأتی المقتول قاتله

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 371

فیشخب دمه فی وجهه فیقول: هذا قتلنی، فیقول أنت قتلته، فلا یستطیع أن یکتم اللّه حدیثا.

و عن سعید الأزرق عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل قتل رجلا یقال له: مت أیّ میتة شئت إن شئت یهودیا و إن شئت نصرانیا و ان شئت مجوسیا.

و عن أبی الجارود عن محمّد بن علیّ صلوات اللّه علیهما قال: ما من نفس یقتل برّة و لا فاجرة إلّا و هو یحشر یوم القیامة معلّقا بقاتله بیده الیمنی و رأسه بیده الیسری و أوداجه تشخب دما یقول: یا ربّ سل هذا بم قتلنی، و إن «فان ظ» کان قتله فی طاعة اللّه عزّ و جلّ أثیب القاتل و ذهب بالمقتول إلی النار، و إن کان فی طاعة فلان قیل له: اقتله کما قتله، ثمّ یفعل اللّه فیهما مشیّته.

 (و) الثامنة (الانصاف للخلق) روی فی الکافی عن السّکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله: سیّد الأعمال إنصاف الناس من نفسک، و مواساة الأخ فی اللّه، و ذکر اللّه علی کلّ حال.

و عن أبی حمزة الثمالی عن علیّ بن الحسین علیهما السّلام قال: کان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم یقول فی آخر خطبته: طوبی لمن طاب خلقه و طهرت سجیّته و صلحت سریرته و حسنت علانیته و أنفق الفضل من ماله و أمسک الفضل من قوله، و أنصف الناس من نفسه و عن زرارة عن أبی جعفر علیه السّلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی کلام له: ألا انّه من ینصف الناس من نفسه لم یزده اللّه إلّا عزّا.

و عن محمّد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: ثلاثة هم أقرب الخلق إلی اللّه عزّ و جلّ یوم القیامة حتی یفرغ من الحساب. رجل لم تدعه قدرته فی حال فی غضبه إلی أن یحیف علی من تحت یده، و رجل مشی بین اثنین فلم یمل مع أحدهما علی الاخر بشعیرة، و رجل قال بالحقّ فیما له و علیه.

 (و) التاسعة (الکظم للغیظ) روی فی الکافی عن مالک بن حصین السکونی قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: ما من عبد کظم الغیظ إلّا زاده اللّه عزّ و جلّ عزّا فی الدّنیا و الاخرة، و قد قال اللّه عزّ و جلّ  «وَ الْکاظِمِینَ الْغَیْظَ وَ الْعافِینَ عَنِ النَّاس وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسنِینَ»  و أثابه اللّه مکان غیظه ذلک.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 372

و عن سیف بن عمیرة قال حدّثنی من سمع أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: من کظم غیظا و لو شاء أن یمضیه أمضاه ملأ اللّه قلبه یوم القیامة رضاه.

و عن عبد اللّه بن منذر عن الوصافی عن أبی جعفر علیه السّلام قال: من کظم غیظا و هو یقدر علی إمضائه حشا اللّه قلبه أمنا و ایمانا یوم القیامة.

 (و) العاشرة (اجتناب الفساد فی الأرض) و هو الدّعوة إلی عبادة غیر اللّه أو أخذ المال و قتل النفس بغیر حقّ أو العمل بالمعاصی، و بها جمیعا فسّر قوله سبحانه  «تِلْکَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ»  هذا.

الترجمة:

و بتحقیق نظر کردم بنظر بصیرت پس نیافتم أحدی را از أهل عالم که تعصّب کند برای چیزی از چیزها مگر بجهت علّتی که حامل اشتباه کاری جاهلان شود و بجهت دلیلی که چسبد بعقلهای سفیهان بغیر از شما، پس بدرستی که شما تعصّب می نمائید بجهت چیزی که شناخته نمی شود از برای آن هیچ سبب و علّتی.

أما شیطان ملعون پس تعصّب کرد و تکبّر نمود بجناب آدم علیه السّلام بجهت أصل خود که آتش بود، و طعن کرد بر او در خلقت أو، پس گفت بادم علیه السّلام: من از آتش خلق شده ام و تو از گل آفریده شده، و أمّا توانگران از متنعّمان امّتها پس تعصّب کردند بجهت آثار وقوع نعمتها پس گفتند ما بیشتریم از حیثیّت أموال و أولاد و نیستیم ما عذاب شدگان.

پس اگر لا بدّ شود از عصبیّت پس باید که شود عصبیّتها بجهت مکارم أخلاق و کارهای پسندیده و امورات نیکو که تفاخر می کردند در آنها صاحبان مجدت و نجدت از خانواده های عربها و رئیسان قبیلها بخلقهای مرغوبه، و عقلهای بزرگ و مرتبه های بلند، و اثرهای پسندیده.

پس تعصّب نمائید بخصلتهای ستوده از محافظت حقّ همسایگی، و وفا نمودن بعهد و امان، و اطاعت نمودن نیکوکار، و مخالفت نمودن کبر، و فرا گرفتن فضل و باز ایستادن از بغی، و بزرگ شمردن کشتن ناحق، و انصاف کردن از برای خلق و فرو خوردن خشم نزد فوران غضب، و پرهیز کردن از فساد در زمین.