[hadith]لَمْ یَتَکَاءَدْهُ صُنْعُ شَیْءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَهُ، وَ لَمْ یَؤُدْهُ مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَهُ وَ بَرَأَهُ [بَرَأَهُ وَ خَلَقَهُ]؛ وَ لَمْ یُکَوِّنْهَا لِتَشْدید سُلْطَانٍ وَ لَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ وَ لَا لِلِاسْتِعَانَةِ بهَا عَلَی نِدٍّ مُکَاثِرٍ وَ لَا لِلِاحْتِرَاز بهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ وَ لَا لِلِازْدیَاد بهَا فِی مُلْکِهِ وَ لَا لِمُکَاثَرَةِ شَرِیکٍ فِی شرْکِهِ وَ لَا لِوَحْشَةٍ کَانَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ یَسْتَأْنِسَ إِلَیْهَا.

ثُمَّ هُوَ یُفْنِیهَا بَعْدَ تَکْوِینِهَا، لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَیْهِ فِی تَصْرِیفِهَا وَ تَدْبیرِهَا وَ لَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَیْهِ وَ لَا لِثِقَلِ شَیْءٍ مِنْهَا عَلَیْهِ، لَا یُمِلُّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَیَدْعُوَهُ إِلَی سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا، وَ لَکِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بلُطْفِهِ وَ أَمْسَکَهَا بأَمْرِهِ وَ أَتْقَنَهَا بقُدْرَتِهِ، ثُمَّ یُعِیدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهَا وَ لَا اسْتِعَانَةٍ بشَیْءٍ مِنْهَا عَلَیْهَا وَ لَا لِانْصِرَافٍ مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَی حَالِ اسْتِئْنَاسٍ وَ لَا مِنْ حَالِ جَهْلٍ وَ عَمًی إِلَی حَالِ عِلْمٍ وَ الْتِمَاسٍ وَ لَا مِنْ فَقْرٍ وَ حَاجَةٍ إِلَی غِنًی وَ کَثْرَةٍ وَ لَا مِنْ ذُلٍّ وَ ضَعَةٍ إِلَی عِزٍّ وَ قُدْرَة.[/hadith]

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 59

لم یتکاّده (یتکاءده خ ل) صنع شیء منها إذ صنعه، و لم یؤده منها خلق ما برئه و خلقه، و لم یکوّنها لتشدید سلطان، و لا لخوف من زوال و نقصان، و لا للاستعانة بها علی ندّ مکاثر، و لا للاحتراز بها من ضدّ مثاور، و لا للازدیاد بها فی ملکه، و لا لمکاثرة شریک فی شرکه، و لا لوحشة کانت منه فأراد أن یستأنس إلیها. ثمّ هو یفنیها بعد تکوینها، لا لسأم دخل علیه فی تصریفها و تدبیرها، و لا لراحة واصلة إلیه، و لا لثقل شیء منها علیه، لا یملّه (لم یملّه خ) طول بقائها، فیدعوه إلی سرعة إفنائها، لکنّه سبحانه دبّرها بلطفه، و امسکها بأمره، و أتقنها بقدرته. ثمّ یعیدها بعد الفناء من غیر حاجة منه إلیها، و لا استعانة بشیء منها علیها، و لا لانصراف من حال وحشة إلی حال استیناس، و لا من حال جهل و عمی إلی حال علم و التماس، و لا من فقر و حاجة إلی غنی و کثرة، و لا من ذلّ و ضعة إلی عزّ و قدرة. (41878- 40956)

اللغة:

و (لم یتکأّده) بالتشدید و الهمز من باب التّفعل و بالمدّ أیضا من باب التفاعل مضارع تکأد یقال تکأّدنی الأمر و تکائدنی أی شقّ علیّ، و عقبة کؤدة صعبة.

المعنی:

و السابع و الستون أنه تعالی (لم یتکأده صنع شیء منها إذ صنعه) أی لم یشق علیه سبحانه صنع شیء من المصنوعات، لأنّ صنعه تعالی لیس بقوّة جسمانیّة حتّی یطرئه الانفعال و التعب، بل فعله الافاضة و صنعه الابداع الناشی عن محض علمه و ارادته من غیر استعمال آلة أو حرکة.

و نحن لو کنا بحیث لو وجد من نفس علمنا و إرادتنا شیء لم یلحقنا من وجوده تعب و انفعال لکنا نحتاج فی أفعالنا إلی حرکة و استعمال آلة علی أنّ علمنا و إرادتنا زایدتان علی ذواتنا فاللّه تعالی أولی بأن لا یحلقه تغیّر من صنعه لأنّ فعله بمجرّد علمه و مشیته الموجبتان لقوله و أمره الواسطتان لفعله و صنعه کما قال عزّ و جلّ: إنّما أمره إذا أراد شیئا أن یقول له کن فیکون.

 (و) الثامن و الستون انّه (لم یؤده منها خلق ما برأه و خلقه) أی لم یثقله ایجاد ما أوجده من المخلوقات، لأنّ الثقل و الاعیاء إنّما یعرض لذی القوی و الاعضاء من الحیوان، و إذ لیس سبحانه بجسم و لاذی آلة جسمانیة لم یلحقه بسبب فعله اعیاء و لا تثقل و لا تعب کما قال سبحانه  «أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ یَعْیَ بخَلْقِهِنَّ» و قال «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ ...».

 (و) التاسع و الستون أنّ تکوینه و ایجاده للأشیاء لیس لجلب منفعة لنفسه أو دفع مضرّة عنها، لما قد عرفت فی شرح الخطبة الرابعة و الستین مفصلا من أنه لیس بفعله داع و غرض غیر ذاته، فلو کان غرضه من التکوین جلب المنفعة أو دفع المضرّة لزم نقصانه فی ذاته و استکماله بغیره، تعالی عن ذلک علوّا کبیرا.

 (و) أشار إلی تفصیل وجوه المنافع المتصوّرة فی التکوین و المضارّ المترتّبة علی عدمه و نفیها جمیعا بقوله: (لم یکوّنها لتشدید سلطان) قد مصی شرحه فی شرح الخطبة الرابعة و الستّین

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 124

 (و لا لخوف من زوال و نقصان) أی لخوفه من الزوال و العدم فخلقها لیتحصّن بها من ذلک أو خوفه من النقصان فخلقها لأنّ یستکمل بها، و قد تقدّم تنزّهه سبحانه عن الخوف فی شرح الخطبة المذکورة أیضا.

 (و لا لاستعانة بها علی ندّ مکاثر) متعرّض للغلبة (و لا للاحتراز بها من ضدّ مثاور) مواثب و محارب له (و لا للازدیاد بها فی ملکه) و مملکته بتکثیر الجند و العساکر و أخذ الحصون و البلاد و القلاع (و لا لمکابرة شریک فی شرکه) أی لمفاخرة الشریک فی الملک کما یکاثر الانسان غیره ممن یشارکه فی الأموال و الأولاد قال سبحانه  «أَلْهاکُمُ التَّکاثُرُ» و انما لم یکن تکوینه لأجل هذه الامور لاستلزامه العجز و الضعف و النقصان حسبما عرفته فی شرح الخطبة التی أشرنا إلیها.

 (و لا لوحشه کانت منه فأراد أن یستأنس إلیها) لتنزّهه تعالی عن الاستیحاش و الاستیناس حسبما تقدّم تفصیلا فی شرح الفصل السادس من الخطبة الاولی.

و السبعون أنّ إفنائه للأشیاء لیس أیضا من أجل جلب النفع أو دفع الضّرر و إلیه أشار بقوله  (ثمّ هو یفنیها بعد تکوینها لا لسأم) و ملال (دخل علیه فی تصریفها و تدبیرها) لأنّ الضجر و الملال إنما یلحقان للمزاج الحیوانی فیمتنع أن یکون فناؤه لها لأجل دفعهما عنه لتنزّهه من المزاج.

 (و لا ل) تحصیل (راحة واصلة إلیه) بسبب إعدامها (و لا ل) دفع مضرّة (ثقل شیء منها علیه) حال وجودها، لأنّ هذا کلّه من لواحق الامکان و لوازم الضعف و النقصان (لا یملّه طول بقائها) کما یملّ غیره (فیدعوه إلی سرعة إفنائها) لما ذکرنا من تنزّهه من السأم و الملال و (لکنّه سبحانه دبّرها بلطفه) أی ببرّه و إنعامه و تکرمته.

و معنی تدبیره لها تصریفه إیّاها لتصریفها کلّیا و جزئیّا علی وفق حکمته و عنایته من غیر مماسّة بها و مباشرة لها لأنّ المباشرة و الملامسة من صفات الأجسام.

 (و أمسکها بأمره) أی بحکمه النافذ و سلطانه القاهر (و أتقنها بقدرته) أی جعلها متقنة محکمة مصونة من التزلزل و الاضطراب بنفس قدرته الکاملة، فاذا کان تدبیرها باللطف و إمساکها بالحکم و إتقانها بمحض القدرة من غیر حاجة فیها إلی المزاولة

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 125

و المباشرة امتنع عروض الثقل و الملال علیه سبحانه بسبب بقائها و وصول الراحة إلیه بسبب فنائها کما هو واضح لا یخفی.

و الحادی و السبعون أنّ إعادته للأشیاء بعد الفناء لیس أیضا لأجل الأغراض البشریّة من جلب منفعة أو دفع المضرّة و إلیه أشار بقوله:

استخدام (ثمّ یعیدها بعد الفناء) أی یعید الأشیاء لا جمیعها بل بعضها و هو جمیع أفراد النوع الانسانی قطعا و جملة من غیره مما ورد فی الأخبار الإخبار بإعادته، فالضمیر عاید إلی الدّنیا أو إلی الامور فی قوله مصیر جمیع الامور و أرید به البعض علی طریق الاستخدام.

و کیف کان فانه سبحانه یعید من الأشیاء ما اقتضت الحکمة إعادتها (من غیر حاجة منه إلیها) لأنّ الحاجة من صفات الممکن (و لا استعانة بشیء منها علیها) أی استعانة ببعضها علی بعض (و لا لانصراف من حال وحشة) کانت له عند فقدانها (إلی حال استیناس) حصلت له عند وجودها (و لا) لانتقال (من حال جهل و عمی) حاصلة له باعدامها (إلی حال علم و التماس) أی إلی استجداد علم و لمس (و لا من فقر و حاجة إلی غنی و کثرة و لا من ذلّ وضعة إلی عزّ و قدرة) لأنّ هذه الأعراض کلّها إنما تلیق بالممکنات الناقصة، و أمّا الواجب تعالی فله الکمال المطلق فی ذاته و صفاته، فیمتنع أن یکون أفعاله لمثل هذه الأغراض المنبئة عن النقص و الفاقة.

تنبیه:

لا تحسبنّ من نفی الأغراض المذکورة عنه سبحانه فی ایجاد الأشیاء و إفنائها و إعادتها کون أفعاله عزّ و جل خالیة عن الغرض مطلقا کما زعمته الأشاعرة فیلزم کونه لاعبا عابثا فی فعله، تعالی شأنه عن ذلک علوّا کبیرا و قد قال عزّ من قائل  «وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبینَ» «رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا» «أَ فَحَسبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَ أَنَّکُمْ إِلَیْنا لا تُرْجَعُونَ. فَتَعالَی اللَّهُ الْمَلِکُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْش الْکَرِیمِ».

بل المنفیّ عنه سبحانه هو الأغراض المستلزمة لنقصانه فی ذاته و استکماله

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 126

بمخلوقاته من قبیل جلب المنافع و دفع المضارّ.

و تحقیق المقام یتوقف علی بسط فی الکلام. فأقول: ذهبت الطایفة المحقّة الامامیة و المعتزلة من العامة إلی أنّ أفعاله سبحانه معلّلة بالأغراض و المصالح و الحکم و المنافع، و خالفهم الأشاعرة.

قال العلامة الحلّی قدّس اللّه روحه فی کتاب نهج الحقّ: قالت الامامیة:

إنّ اللّه إنما یفعل لغرض و حکمة و فائدة و مصلحة یرجع إلی المکلّفین و نفع یصل إلیهم، و قالت الأشاعرة: إنّه لا یجوز أن یفعل شیئا لغرض و لا لمصلحة ترجع إلی العباد و لا لغایة من الغایات، و لزمهم من ذلک کون اللّه تعالی لاعبا عابثا فی فعله فانّ العابث لیس إلّا الّذی یفعل لا لغرض و حکمة بل محابا و اللّه تعالی یقول  «وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبینَ» و الفعل الّذی لا غرض للفاعل فیه باطل و لعب، تعالی عن ذلک علوّا کبیرا.

و قال فی موضع آخر من الکتاب المذکور: قالت الامامیّة: إنّ اللّه لم یفعل شیئا عبثا بل إنما یفعل لغرض و مصلحة و إنما یمرض لمصالح العباد و یعرض المولم بحیث ینتفی العبث و الظلم، و قالت الأشاعرة: لا یجوز أن یفعل شیئا لغرض من الأغراض و لا لمصلحة و یولم العبد بغیر مصلحة و لا غرض بل یجوز أن یخلق خلقا فی النّار مخلّدین فیها أبدا من غیر أن یکون قد عصوا أوّلا، انتهی کلامه رفع مقامه.

و قال الشارح المعتزلی: أوجد اللّه تعالی الأشیاء أولا للاحسان إلی البشر و لیعرّفوه، فأنّه لو لم یوجدهم لبقی مجهولا لا یعرف، ثمّ کلّف البشر لیعرضهم للمنزلة الجلیلة التی لا یمکن وصولهم إلیها إلّا بالتکلیف و هی الثواب، ثمّ یفنیهم لأنّه لا بدّ من انقطاع التکلیف لیخلص الثواب من مشاق التکالیف، ثمّ إنه یبعثهم و یعیدهم لیوصل إلی کلّ إنسان ما یستحقه من ثواب أو عقاب، و لا یمکن ایصال هذا المستحق إلّا بالاعادة انتهی.

و قال الأوّل أیضا فی محکی کلامه من کتاب نهایة الفصول: إنّ النصوص دالّة علی أنه تعالی شرع الأحکام لمصالح العباد ثمّ إنّ الامامیّة و المعتزلة صرّحوا بذلک و کشفوا الغطاء حتّی قالوا إنّه تعالی یقبح منه فعل القبیح و العبث بل یجب أن

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 127

یکون فعله مشتملا علی مصلحة و غرض، و أما الفقهاء «1» قد صرّحوا بأنّه تعالی إنما شرع الحکم لهذا المعنی و لأجل هذا الحکمة ثمّ یکفرون من قال بالغرض مع أنّ معنی الکلام الغرض لا غیر، انتهی.

فقد ظهر من کلامهما جمیعا اتّفاق العدلیة علی کون أفعاله تعالی و أحکامه و جمیع ما صدر عنه تکوینیّا کان أو تکلیفیّا معلّلا بأغراض، و أنّ الغرض منها جمیعا أیصال النفع إلی المکلّفین و الاحسان إلیهم و اللطف فی حقّهم.

و یشهد لهم صریحا الایات الکثیرة من الکتاب و الأخبار التی لا تعدّ و لا تحصی مثل قوله تعالی «وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ»  و قوله  «هُوَ الَّذی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ»  و قوله  «مِنْ أَجْلِ ذلِکَ کَتَبْنا عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ»  الایة و قوله  «وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذی أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِ أَمْسکْ عَلَیْکَ» .

و فی الحدیث القدسی: لولاک لما خلقت الأفلاک، و یا إنسان خلقت الأشیاء لأجلک و خلقتک لأجلی، و کنت کنزا مخفیّا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لاعرف. إلی غیر ذلک مما لا حاجة إلی ایراده.

و کفاک شاهدا فی هذا الغرض کتاب علل الشرائع الّذی ألّفه الصدوق «قده» فی علل تشریع الأحکام الشرعیّة.

و استدل الأشاعرة علی مذهبهم بأنه لو کان فعله تعالی لغرض من جلب منفعة أو دفع مفسدة لکان هو ناقصا بذاته مستکملا بتحصیل ذلک الغرض، لأنّه لا یکون غرضا للفاعل إلّا ما هو أصلح له من عدمه، و ذلک لأنّ ما استوی وجوده و عدمه بالنظر إلی الفاعل و کان وجوده مرجوحا بالقیاس إلیه لا یکون باعثاله علی الفعل و سببا لاقدامه علیه بالضرورة، فکلّ ما کان غرضا یجب أن یکون وجوده أصلح للفاعل و ألیق به من عدمه و هو معنی الکمال، فاذا یکون الفاعل مستکملا بوجوده ناقصا بعدمه.


 (1) أی فقهاء الأشاعرة، منه

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 128

قالوا: و أما قول القائلین بکون أفعاله للغرض إنّه لولاه لکان اللّه لاعبا عابثا، فالجواب التحقیقی عنه إنّ العبث ما کان خالیا عن الفوائد، و أفعاله تعالی محکمة متقنة مشتملة علی حکم و مصالح لا یحصی راجعة إلی مخلوقاته تعالی لکنها لیست أسبابا باعثة علی إقدامه و عللا مقتضیة لفاعلیّته فلا یکون أغراضا له و لا عللا غائیة لأفعاله حتّی یلزم استکماله بها، بل یکون غایات و منافع لأفعاله و آثارا مترتبة علیها، فلا یکون شیء من أفعاله عبثا خالیا عن الفوائد، و ما ورد من الظواهر الدالة علی تعلیل أفعاله تعالی فهو محمول علی الفایدة و المنفعة دون الغرض و العلّة.

أقول: هکذا قرّر الشارح الناصب روزبهان خفضه اللّه دلیل الأشاعرة فی شرح نهج الحق و المستفاد منه اتّفاق الاشاعرة و العدلیة علی کون أفعاله سبحانه مشتملة علی الحکم و المصالح العایدة إلی الخلق لا إلیه تعالی، و علی أنّ ظواهر الأدلّة هی العلّیة و الغایة.

و إنما النزاع فی کون تلک المصالح و الحکم غرضا و علّة للفعل، فذهب العدلیة إلی الغرض و العلّیة مستدلّین بظواهر الأدلّة، و أنکرها الأشاعرة و صرفوا الأدلّة عن ظواهرها بزعمهم استلزام القول بالغرض النّقصان بالذات و الاستکمال بالغیر و هو محال علی الحق الأوّل سبحانه.

و اعترض علیه الشارح الفاضل القاضی نور اللّه نوّر اللّه مرقده.

أولا بأنّه انما یلزم الاستکمال لو کان الغرض عایدا إلیه تعالی و نحن لا نقول بذلک، بل الغرض إما عاید إلی مصلحة العبد أو إلی اقتضائه نظام الوجود بمعنی نظام الوجود لا یتمّ إلّا بذلک الغرض فیکون الغرض عایدا إلی النظام لا إلیه و علی کلّ من الأمرین لا یلزم الاستکمال.

فان قیل: أولویّة عود الغرض إلی الغیر یفید استکماله بالغیر و مساواته بالنسبة إلیه تعالی ینافی الغرضیّة.

قلت: لا نسلّم أنه لو استوی حصول الغرض و عدم حصوله بالنسبة إلیه تعالی

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 129

لم یصلح أن یکون غرضا داعیا إلی فعله، و إنما یلزم لو لم یکن الفعل أولی من الترک بوجه من الوجوه، و ههنا لیس کذلک فانّه بالنسبة إلی العبد أولی.

و لو سلم فنقول: الغرض کالاحسان مثلا أولی و أرجح من عدمه عنده تعالی یعنی أنّه عالم بأرجحیّة الاحسان فی نفس الأمر و لا یلزم أولویّة الاحسان بالمعنی المذکور عنده استکماله تعالی به، لأنّ الأنفع أرجح فی نفس الأمر، فلو لم یکن عالما بالأرجحیّة یلزم عدم علمه بکونه أنفع، فلیزم النقص فیه و هو منزّه عن النقص.

و ثانیا بأنّ تعلیل أفعاله راجع إلی الصّفات و الکمالات الفعلیة کخالقیّة العالم و رازقیّة العباد، و الخلوّ عنها لیس بنقص قطعا و إنّما النّقص خلوّه عن الصّفات الحقیقیة.

و ثالثا بأنّ ما ذکره من الجواب الّذی سمّاه تحقیقا فبطلانه ظاهر لأنّه مع منافاته لما ذکروه فی بحث الحسن و القبح العقلیّین من أنه لیس فی الأفعال قبل ورود الأمر و النهی جهة محسنة و مقبحة تصیر منشئا للأمر و النهی مردود بأنّ الفاعل إذا فعل فعلا من غیر ملاحظة فایدة و مدخلیتها فیه یعدّ ذلک الفعل عبثا أو فی حکم العبث فی القبح و إن اشتمل علی فواید و مصالح فی نفس الأمر، لأنّ مجرّد الاشتمال علیها لا یخرجه عن ذلک، ضرورة أنّ ما لا یکون ملحوظا للفاعل عند ایقاع الفعل و لا مؤثّرا فی إقدامه علیه فی حکم العدم کما لا یخفی علی من اتّصف بالانصاف، هذا.

و ذکر اعتراضات اخر غیر خالیة عن التأمّل و النظر طوینا عن ذکرها کشحا و إن کان بعض هذه الاعتراضات التی ذکرناها غیر خال عن المناقشة أیضا کما لا یخفی، هذا.

و لصدر المتألّهین مسلک آخر فی تقریر کون أفعاله تعالی معلّلة بالأغراض و تحقیق عمیق فی بیان معنی الغرض و الغایة أشار إلیه فی مواضع عدیدة بعضها إجمالا و بعضها تفصیلا من شرح الکافی.

قال فی شرح الحدیث الخامس من الباب السادس و هو باب الکون و المکان من کتاب التوحید ما لفظه:

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 130

إنّ الأسباب لوجود ماله سبب ینحصر فی أربعة: الفاعل، و الغایة، و المادّة، و الصورة، و الأخیرتان داخلتان فی وجود المسبّب عنهما إحداهما ما به وجود الشیء بالقوة کالخشب للسریر، و الثانیة ما به وجود الشیء بالفعل کهیئة السریر لأنها متی وجدت وجد السریر بالفعل، و أمّا الأوّلان فهما خارجان عن وجود المسبّب، و الفاعل ما یفید وجود الشیء، و الغایة ما لأجله.

و من المعالیل ما لا یحتاج الی السبّبین الداخلین لکونه بسیطا، و أمّا الفاعل و الغایة فلیس یمکن لشیء من الممکنات الاستغناء عنهما ثمّ الغایة لها اعتباران:

أحدهما اعتبار کونها بحسب الوجود العلمی باعثة علی فاعلیة الفاعل، فهی متقدّمة علی الفعل و کون الفاعل فاعلا لأنها علّة فاعلیّة لفاعلیة الفاعل فهی فاعل الفاعل بما هو فاعل، و هذا فی الفواعل الّتی فی هذا العالم من المختارین الّذین یفعلون أفاعیلهم بقصد زاید و داعیة إرادة زایدة مکشوف معلوم، فانهم ما لم یتصوّروا غایة و فایدة لم یصیروا فاعلا بالفعل، فالعلّة الغائیة فیهم مغایرة للعلّة الفاعلة، و أما الأوّل تعالی فلما کان علمه بنظام الخیر فی العالم الّذی هو عین ذاته داعیا لایجاده للعالم فالفاعل و الغایة هناک شیء واحد بلا تغایر فی الذات و لا تخالف فی الجهات.

و ثانیهما اعتبار کونها غایة و ثمرة مترتبة علی الفعل، فربما یتأخر وجودها الخارجی عن وجود المعلول فیکون وجودها معلول معلول الفاعل کما فی الغایات الواقعة تحت الکون ثمّ اعلم انّه قد وجد فی کلام الحکماء أنّ أفعال اللّه تعالی غیر معلّلة بالأغراض و الدّواعی، و وجد أیضا کثیرا فی ألسنتهم علی طبق ما ورد فی هذه الأحادیث أنّه تعالی غایة الغایات و أنه المبدأ و الغایة، و فی الکلام الالهی  «صِراطِ اللَّهِ الَّذی لَهُ ما...» «إِنَّ إِلی رَبِّکَ الرُّجْعی » إلی غیر ذلک مما لا یعدّو لا یحصی.

فان کان المراد من نفس التعلیل و سلب اللمیّة عن فعله تعالی نفی ذلک عنه

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 131

بما هو غیر ذاته فهو کذلک، لأنه تعالی تامّ فی فاعلیّته کما هو تامّ فی ذاته، لکن لا یلزم من ذلک نفی الغایة و الداعی عن فعله مطلقا حتّی یلزم العبث و الجزاف، تعالی عما یظنّه الجاهلون، بل علمه بنظام الخیر الّذی هو نفس ذاته علّة غائیة و غرض بالذات لفعله و وجوده، و هذا مما ساق الیه الفحص و البرهان و شهدت به عقول الفحول و أذهان الأعیان.

و قال فی شرح الحدیث الأوّل من الباب الرابع عشر و هو باب الارادة من کتاب التوحید:

التحقیق أنّ الارادة تطلق بالاشتراک الصناعی علی معنیین:

أحدهما ما یفهمه الجمهور و هو الّذی ضدّه الکراهة و هی التی قد تحصل فینا عقیب تصوّر الشیء الملایم و عقیب التردّد حتّی یترجّح عندنا الأمر الدّاعی إلی الفعل أو الترک فیصدر أحدهما منا و هذا المعنی فینا من الصفات النفسانیة و هی و الکراهة فینا کالشهوة و الغضب فینا و فی الحیوان، و لا یجوز علی اللّه بل إرادته نفس صدور الأفعال الحسنة منه من جهة علمه بوجه الحسن و کراهته عدم صدور الفعل القبیح عنه لعلمه بقبحه.

و ثانیهما کون ذاته بحیث یصدر عنه الأشیاء لأجل علمه بنظام الخیر فیها التابع لعلمه بذاته، لا کاتباع الضوء للمضیء و السخونة للمسخّن و لا کفعل الطبایع لا عن علم و شعور و لا کفعل المجبورین و المسخّرین و لا کفعل المختارین بقصد زاید و إرادة زایدة ظنّیة یحتمل الطرف المقابل.

فاذا هو سبحانه فاعل للأشیاء کلّها بارادة ترجع إلی علمه بذاته المستتبع لعلمه بغیره المقتضی لوجود غیره فی الخارج لا لغرض زاید و جلب منفعة أو طلب محمدة أو ثناء أو التخلّص من مذّمة، بل غایة فعله محبّة ذاته.

فهذه الأشیاء الصادرة عنه کلّها مرادة لأجل ذاته لأنها من توابع ذاته و علمه بذاته، فلو کنت تعشق شیئا لکان جمیع ما یصدر عنه معشوقا لک لأجل ذلک الشیء، و إلیه الاشارة بما ورد فی الحدیث الالهی عن نفسه تعالی: کنت کنزا مخفیّا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لأعرف.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 132

و قال فی شرح الحدیث السادس من الباب الخامس و العشرین من کتاب التوحید و هو باب المشیّة و الارادة:

لیس لفعله تعالی غایة و غرض زائدتین علی ذاته، و إنما الغایة و الغرض لأفاعیل ما سواه من الفاعلین و الغایة و الغرض اسمان لشیء واحد بالذات متغایر بالاعتبار، فالذی لأجله یفعل الفاعل فعله و یسأل عنه بلم و هو یقع فی الجواب یقال له الغایة بالنسبة إلی الفعل و الغرض بالنسبة إلی الفاعل، فاذا قلت لبانی الفعل لم تبنی البیت؟ فیقول فی جوابک لأسکن فیه فالسّکنی غایة للبناء و غرض للبناء.

إذا علمت هذا فاعلم أنّ وجود الأشیاء عنه تعالی من لوازم خیریّته تعالی لیس یرید بایجادها شیئا آخر غیر ذاته، بل کونه علی کماله الأقصی یقتضی ذلک، إذ کلّ فاعل یقصد فی فعله شیئا فذلک الشیء أفضل منه و هو أدون منزلة من مقصوده.

فلو کان للأوّل تعالی قصد إلی ما سواه أیّ شیء کان من ایصال خیریّة أو نفع أو مثوبة إلی أحد أو طلب ثناء أو شکر أو محمدة أو غیر ذلک لکان فی ذاته ناقصا مستکملا بقصده، و ذلک محال لأنّ وجوده علی أقصی درجات الفضل و الکمال إذ کلّ کمال و شرف و فضل فهو رشح من رشحات وجوده، فکیف یعود إلیه من مجعولاته شیء من الفضیلة لم تکن فی ذاته.

و أیضا لو کان له قصد زاید أو لفعله غرض یلحق إلیه بواسطة الفعل یلزم فیه الکثرة و الانفعال، و قد ثبت أنّه واحد أحد من کلّ وجه هذا خلف.

فاذا قد ظهر أنّه لالمیة لفعله و لا یسأل عمّا یفعل و کلّ فاعل سواه فله فی فعله غرض و لفعله غایة یطلبها هی لا محالة فوقه.

و تلک الغایات متفاضلة متفاوتة فی الشرف علی حسب تفاوت الفواعل.

و الذی عنده من الملائکة المقرّبین و من فی درجتهم من عباده المکرمین فلا غایة لفعله و عبادته و تسبیحه إلّا لقاء ذاته تعالی لا غیر.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 133

و لمن دونهم من الملائکة السّماویة و النفوس المدبرة غایات اخری یشتاقون إلیها و یتشبّهون بها و یصلّون إلیها هی بعد ذاته تعالی.

و هکذا یتنازل الغایات حسب تنازل النفوس و الطبایع حتّی أنّ الجمادات و العناصر لها فی استحالاتها و حرکاتها غایات طبیعیّة جعلها اللّه مرکوزة فی ذاتها مجبولة علی قصدها و طلبها «و لکلّ وجهة هو مولّیها».

فاتّضح و تبیّن أنّ لکلّ أحد فی فعله غایة یسأل عنها و هو معنی قوله: «و هم یسئلون».

و لیس معنی قوله «لا یسئل عمّا یفعل» کما زعمه علماء العامة من الأشاعرة و غیرهم أنّ ذاته تعالی لا یقتضی الخیر و النظام و لا یجب منه أن یکون العالم علی أفضل ما یمکن من الخیر و التمام و الشرف و النظام بحیث لا یتصوّر ما هو أکمل و أتمّ مما هو علیه، مستدلّین علی صحّة ما ادّعوه من المجازفة بأن لا اعتراض لأحد علی المالک فیما یفعله من ملکه، و العالم ملکه تعالی فله أن یفعل فیه کلّ ما یریده سواء کان خیرا أو شرا أو عبثا أو جزافا، و هم لا یقولون بالمخصّص و المرجّح فی اختیاره تعالی لشیء قائلین إنّ الارادة تخصّص أحد الطرفین من دون حاجة إلی مرجّح لأنّه لا یسأل عن اللّمیة فیما یفعله.

و هو کلام لا طائل تحته فانّ الارادة إذا کان الجانبان بالنسبة إلیها سواء لا یتخصّص أحد الجانبین إلّا بمرجّح، و لا یقع الممکن إلّا بمرجّح، و بذلک یثبت الحاجة إلی وجود الصّانع و أمّا الخاصیة الّتی یقولونها فهو هوس ألیس لو اختار الجانب الاخر الذی فرض مساویا لهذا الجانب کانت تحصل هذه الخاصیّة.

ثمّ تعلّق الارادة بشیء مع أنّ النّسبة إلی الجانبین سواء هذیان، فانّ الارادة ما حصلت أوّلا إرادة بشیء ما ثمّ تعلّقت بشیء مخصّص، فانّ المرید لا یرید أیّ شیء اتّفق و لا یکون للمرید إرادة غیر مضافة إلی شیء أصلا ثمّ یعرض لها ان تعلقت ببعض جهات الامکان.

نعم إذا وقع التصوّر و حصل إدراک یرجّح أحد الجانبین یحصل إرادة مخصّصة بأحدهما، فالترجیح مقدّم علی الارادة.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 134

فاذا علمت أنّ کلّ مختار لا بدّ فی اختیاره أحد طرفی وجود شیء من مرجّح فیجب أن یکون المرجّح فی فعل الغنی المطلق غیر زاید علی ذاته و علمه بذاته، فذاته هی الغایة المقتضیة لفعله لا شیء آخر إذ لا یتصوّر أن یکون امر أولی بالغنی المطلق أن یقصده، و إلّا لکان الغنی المطلق فقیرا فی حصول ما هو الأولی له إلی ذلک الشیء و هو محال.

فاذا هو الغایة للکلّ کما هو الفاعل للکلّ فهکذا یجب علیک أن تعلم تحقیق المقام لتکون موحّدا مخلصا مؤمنا حقّا.

و قال فی شرح الهدایة: إنّ من المعطّلة قوما جعلوا فعل اللّه خالیا عن الحکمة و المصلحة متمسّکین بحجج أوهن من بیت العنکبوت.

منها قولهم کون الارادة مرجّحة صفة نفسیّة لها و صفات النفسیة و لوازم الذّات لا تعلّل کما لا یعلّل کون العلم علما و القدرة قدرة، و هو کلام لا حاصل له، فانّ مع تساوی طرفی الفعل کیف یتخصّص أحد الجانبین و الخاصیّة الّتی یقولونها هذیان، فانّ تلک الخاصیة کانت حاصلة أیضا لو فرض اختیار الجانب الاخر الذی فرض مساویا لهذا الجانب.

و منها قولهم بأنّ الارادة متحقّقة قبل الفعل بلا اختصاص بأحد الامور ثمّ تعلّقت بأمر دون أمر و هذا کاف فی افتضاحهم، فانّ المرید لا یرید أیّ شیء إذ الارادة من الصفات الاضافیة فلا یتحقّق إرادة غیر متعلّقة بشیء ثمّ یعرضها التعلّق ببعض الأشیاء نعم إذا حصل تصوّر شیء قبل وجوده و یرجّح أحد جانبی إمکانه یحصل إرادة متخصّصة حینئذ فالترجیح مقدّم علی الارادة.

فالحاصل أنّ المختار متی کانت نسبة المعلول الیه امکانیة من دون داع و مقتض لصدوره عنه یکون صدوره عنه ممتنعا، لامتناع کون المساوی راجحا، فانّ تجویز ذلک من الفاعل لیس إلّا قولا باللّسان دون تصدیق بالقلب، فذلک الداعی هو غایة الایجاد.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 135

و هو قد یکون نفس الفاعل کما فی الواجب تعالی لأنه تامّ الفاعلیة فلو احتاج فی فعله إلی معنی خارج عن ذاته لکان ناقصا فی الفاعلیة و سیعلم أنه سبب الأسباب و کلّ ما یکون سببا أوّلا لا یکون لفعله غایة غیر ذاته.

فان لم یستند وجودها إلیه لکان خلاف الفرض و ان استند إلیه فالکلام عاید فیما هو داعیة لصدور تلک الغایة حتّی ینتهی إلی غایة أی عین ذاته دفعا للدور و التسلسل، و قد فرض کونها غیر ذاته هذا خلف، فذاته تعالی غایة للجمیع کما أنّه فاعل لها، انتهی کلامه.

و محصله أنّ العلّة الغائیة عنده من صفات الذات و هو علمه بنظام الخیر و هو الداعی إلی ایجاد الموجودات و الغرض من ایجادها هو ذاته تعالی فهو سبحانه الفاعل لها و هو الغرض منها، فالفاعل و الغایة فی أفعاله تعالی سواء لا مغایرة بینهما.

و المستفاد من صاحب احقاق الحقّ و نهج الحقّ و غیرهما حسبما عرفت أنّها من صفات الفعل راجعة إلی خالقیّته تعالی و رازقیّته، و أنها مغایرة للعلّة الفاعلة کما أنها فی غیره سبحانه کذلک، فالفاعل للأشیاء هو الذات و الغرض منها ایصال النفع و الافضال علی العباد.

و علی أیّ من القولین فقد تبیّن و استبان و اتّضح کلّ الوضوح أنّ ایجاد الموجودات لیس خالیا عن الحکم و المصالح و الغایات حسبما زعمته أبو الحسن الأشعری و أتباعه، غفلة عما یلزم علیه من المحالات التی مرّت الاشارة إلی بعضها هنا، و ذکر جملة منها العلّامة الحلّی قدّس اللّه سرّه فی کتاب نهج الحقّ من أراد الاطلاع علیها فلیراجع.

و الحمد للّه علی توفیقه و عنایته، و الصّلاة علی رسول اللّه و خلفائه و عترته، و نسأل اللّه بهم و بالمقرّبین من حضرته أن یثبت ما أتینا به فی شرح هذه الخطبة الشریفة من اصول العلم الالهی فی صحایف أعمالنا، و یثبتنا علیه عند الممات کما ثبتنا علیه حال الحیاة، و یجعله نورا یسعی بین أیدینا فی الظلمات، ظلمات یوم الجمع و عند الجواز علی الصّراط إنّه علی ذلک قدیر، و بالاجابة حقیق جدیر.

الترجمة:

بملال و اندوه نینداخت ساختن چیزی از آنها خدا را در زمانی که ساخت او را، و سنگینی نکرد بر او از آنها آفریدن آنچه او را آفرید. و نیافرید آنها را بجهة محکم ساختن پادشاهی خودش، و نه از برای ترسیدن از رفتن و بر طرف شدن مملکت یا کم شدن و کاهیدن عزّت و دولت، و نه از برای یاری جستن با آنها بر ضرر دشمن که بر صدد غلبه بر آمده است، و نه از برای خودداری و نگه داشتن با آنها از صدمات دشمن بر جهنده از برای محاربه، و نه از برای علاوه کردن بسبب آنها در ملک و سلطنت و لشکر و رعیّت، و نه از برای تفاخر بکثرت از برای آن کسی که شرکت دارد با او در بعضی چیزها، و نه از برای ترس تنهائی که بوده است از او سابقا پس خواسته که انس بگیرد با مخلوقات بعد از اینها همه خداوند فانی میکند آن مخلوقات را بعد از این که ایشان را بهستی در آورده نه از جهت اندوه و ملال که وارد آمده بر او از جهت تصرّف کردن در آنها، و تغییر دادن از حالی بحالی و از جائی بجائی، و نه از جهت تحصیل راحت که می رسد باو از فانی شدن آنها، و نه از جهت سنگینی چیزی از آنها بر او، بملال نیانداخت او را بسیار ماندن آنها در دنیا تا این که وادار نماید او را بشتابیدن بسوی نابود کردنشان، ولی خداوند سبحان تدبیر کرد آنها را بلطف خود و نگه داشتشان بحکم خود، و محکم نمود آنها را بقدرت و توانائی خود.

پس از آن می گرداند آنها را بسوی وجود بعد از عدم بدون این که حاجتی داشته باشد بسوی آنها، و بی این که یاری بجوید با چیزی از آنها بچیز دیگر از آنها، و نه از برای برگشتن از حال تنهائی و وحشت بحال انس گرفتن و الفت، و نه از حال نادانی و کوری بحالت دانائی و مسّ کردن چیزی که خوشش بیاید، و نه از حال گدائی و پریشانی بحالت نیازمندی و دولت، و نه از حالت خواری و پستی بسوی عزت و قدرت، بجهت این که اینها همه از اوصاف امکان و لوازم نقص است که خدا از او منزّه است، و اللّه أعلم بحقیقة المقال.