[hadith]لَا یُشْمَلُ بحَدٍّ وَ لَا یُحْسَبُ بعَدٍّ، وَ إِنَّمَا تَحُدُّ الْأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا وَ تُشیرُ الْآلَاتُ إِلَی نَظَائِرِهَا، مَنَعَتْهَا مُنْذُ الْقِدْمَةَ، وَ حَمَتْهَا قَدُ الْأَزَلِیَّةَ، وَ جَنَّبَتْهَا لَوْلَا التَّکْمِلَةَ بهَا؛ تَجَلَّی صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وَ بهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُیُونِ وَ لَا یَجْرِی [تَجْرِی] عَلَیْهِ [الْحَرَکَةُ وَ السُّکُونُ] السُّکُونُ وَ الْحَرَکَةُ، وَ کَیْفَ یَجْرِی عَلَیْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَ یَعُودُ فِیهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَ یَحْدُثُ فِیهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ، إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَ لَتَجَزَّأَ کُنْهُهُ وَ لَامْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ، وَ لَکَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزمَهُ النُّقْصَانُ، وَ إِذاً لَقَامَتْ آیَةُ الْمَصْنُوعِ فِیهِ وَ لَتَحَوَّلَ دَلِیلًا بَعْدَ أَنْ کَانَ مَدْلُولًا عَلَیْهِ وَ خَرَجَ بسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ یُؤَثِّرَ فِیهِ مَا یُؤَثِّرُ فِی غَیْرِهِ؛ الَّذی لَا یَحُولُ وَ لَا یَزُولُ وَ لَا یَجُوزُ عَلَیْهِ الْأُفُولُ؛ لَمْ یَلِدْ فَیَکُونَ مَوْلُوداً، وَ لَمْ یُولَدْ فَیَصِیرَ مَحْدُوداً؛ جَلَّ عَنِ اتِّخَاذ الْأَبْنَاءِ، وَ طَهُرَ عَنْ مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ.[/hadith]

لامنهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 55

یشمل بحدّ، و لا یحسب بعدّ و إنّما تحدّ الأدوات أنفسها، و تشیر الالات إلی نظائرها، منعتها منذ القدمة، و حمتها قد الأزلیّة، و جنّبتها لو لا التّکملة، بها تجلّی صانعها للعقول، و بها امتنع عن نظر العیون، لا یجری علیه السّکون و الحرکة، و کیف یجری علیه ما هو أجراه، و یعود فیه ما هو أبداه و یحدث فیه ما هو أحدثه، إذا لتفاوتت ذاته، و لتجزّء کنهه، و لا امتنع من الأزل معناه، و لکان له وراء إذ وجد له أمام، و لالتمس التّمام إذ لزمه النّقصان، و إذا لقامت آیة المصنوع فیه، و لتحوّل دلیلا بعد أن کان مدلولا علیه، و خرج بسلطان الامتناع من أن یؤثّر فیه ما یؤثّر فی غیره. الّذی لا یحول و لا یزول، و لا یجوز علیه الأفول، لم یلد فیکون مولودا، و لم یولد فیصیر محدودا، جلّ عن اتّخاذ الأبناء، و طهر عن ملامسة النّساء.

الاعراب:

قوله: منعتها منذ القدمة و حمتها قد الأزلیّة و جنبتها لو لا التکملة، المرویّ من نسخة الرضیّ نصب القدمة و التکملة و الأزلیّة، و من بعض النسخ رفعها، فعلی الروایة الاولی الضمائر المتّصلة مفعولات اول للأفعال الثلاثة، و لفظة منذ و قد و لو لا فی موضع الرّفع علی الفاعل، و المنصوبات الثلاث مفعولات ثانیة بالواسطة، و علی الروایة الثانیة فارتفاع الأسماء الثلاثة علی الفاعلیّة، و الضمائر المتّصلة مفاعیل و منذ و قد و لو لا مفاعیل ثوان.

المعنی:

الحادی و العشرون أنّه (لا یشمل بحدّ) أی لا یشمله حدّ و لا یکون محدودا به، لا بالحدّ الاصطلاحی و لا بالحدّ اللّغوی، لما مرّ غیر مرّة فی تضاعیف الشرح من أنّ الحدّ الاصطلاحی و هو القول الشارح لمهیّة الشیء المؤلف من المعانی الذاتیة المختصّه به، فلا بدّ أن یکون المحدود به مرکّبا ذا أجزاء، و الواجب تعالی لیس بمرکب فلا یکون محدودا، و الحدّ اللّغوی عبارة عن نهایة الشیء الذی یقف عندها و لا یتجاوز عنها، و هو من لواحق الکمّ المتّصل و المنفصل و الکمّ من الأعراض

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 73

و لا شیء من الواجب بعرض أو محلّ له فامتنع أن یوصف به.

 (و) الثانی و العشرون أنّه (لا یحسب بعدّ) قال الشارح البحرانی: أی لا یلحقه الحساب و العدّ فیدخل فی جملة المحسوبات بالمعدودة و ذلک إنّ العدّ من لواحق الکمّ المنفصل الذی هو العدد کما هو معلوم فی مظانه و الکمّ عرض، و قد ثبت أنه تعالی لیس بعرض و لا محلّ له.

و قال الشّارح المعتزلی: یحتمل أن یرید به أنّه لا تحسب أزلیّته بعدّ أی لا یقال له منذ وجد کذا و کذا کما یقال للأشیاء المتقاربة العهد و یحتمل أن یرید به أنّه لیس مماثلا للأشیاء فیدخل تحت العدّ کما یعدّ الجواهر و کما تعدّ الامور المحسوسة.

و قال العلّامة المجلسی (ره): لا یحسب بالأجزاء و الصّفات الزائدة المعدودة.

أقول: و الکلّ صحیح محتمل لا غبار علیه و إن کان الأوّل أشبه، فالمقصود به أنّه لیس من جملة المعدودات کما ربما یسبق ذلک إلی الوهم إذا وصفناه سبحانه بأنه واحد فیتوهّم منه أنّه واحد لیس له ثان و أنّ وحدته وحدة عددیّة، و اندفاع ذلک الوهم بأن معنی کونه واحدا أنّه احدی الذات و أنّه لیس له مثل و نظیر لا أنّه واحد بالعدد، لأنه لا یحسب بعد فیکون مساقه مساق قوله علیه السّلام فی الخطبة السابقة واحد لا بعدد، هذا.

و لما نزّهه تعالی عن کونه محدودا بحدّ و معدودا بعدّ أکّد ذلک بقوله  (و إنما تحدّ الأدوات أنفسها و تشیر الالات إلی نظایرها) یعنی أنّه سبحانه لو رام أحد أن یحدّه أو یعدّه فلا بدّ أن یکون تحدیده و عدّه بالالات البدنیّة و القوی الجسمانیّة ظاهریّة کانت کالأصابع و الید و اللّسان و غیرها، أو باطنیة کالمتوهّمة و المتفکرة و المتخیّلة، لکن شیئا منها لا یقدر علی ذلک.

أمّا الجوارح الظاهرة فلانحصار مدرکاتها فی عالم المحسوسات و الأجسام و الجسمانیات، فهی إنما تدرک و تحدّ أنفسها أی أجناسها و أنواعها و تعدّ نظایرها أی ذوات المقادیر و تشیر إلی ما هی مثل لها فی الجسمیة و الجسمانیة، و صانع العالم

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 74

لیس بجسم و لا جسمانی و لا ذی مقدار فاستحال أن تحدّه الالات و تعدّه الأدوات.

و أمّا المشاعر الباطنة فانّ مدرکاتها و إن لم تکن مقصورة فی المحسوسات و الموجودات إلّا أنها إذا حملت علی ما لیس بموجود فی الخارج ترجع و تخترع صورة مماثلة للموجود حسبما عرفته فی شرح الفصل الثانی من المختار الأوّل فهی أیضا لا تتعلّق إلّا بما یماثلها فی الامکان و لا تحیط إلّا بما هو فی صورة جسم أو جسمانی.

فاتّضح بذلک أنّ أفعال الأدوات و الالات و آثارها إنما توجد فی الأشیاء الممکنة الّتی هی مثلها لا فیه تعالی، هذا.

و لما ذکر أنّه سبحانه أجلّ و أعظم شأنا و قدسا من دخوله فی عداد المحدودات و أکّده باستحالة التحدید و الاشارة إلیه سبحانه من الالات و الأدوات لکون مدرکاتها مقصورة محصورة فی أسناخها و أشباهها من الممکنات و المحسوسات و أکّده ثانیا بالتنبیه علی أنّ الالات موصوفة بالحدوث و الامکان و النقص، و الحقّ الأوّل جلّ شأنه و عظم سلطانه موصوف بالقدم و الوجوب و الکمال، فکیف لها أن تحوم حوم حضرة القدس و أنّی للحادث أن یحدّ القدیم و للممکن الاشارة إلی الواجب و للناقص الاحاطة بمن هو فی غایة العظمة و الکمال و الجبروت و الجلال.

و ذلک قوله  (منعتها منذ القدمة و حمتها قد الأزلیة و جنبتها لو لا التّکملة) فالمقصود بهذا الکلام التنبیه علی حدوث الالات و الأدوات و نقصها صراحة و الاشارة إلی قدم الباری تعالی و کماله ضمنا أو بالعکس، و الأوّل مبنیّ علی کون منذ و قد و لو لا مرفوعات المحل علی الفاعلیة، و الثانی علی انتصابها بالمفعولیّة و کون الفاعل القدمة و الأزلیّة و التکملة و الأوّل أولی و أنسب لمطابقته لنسخة الرضیّ کما روی و لکون قرب هذه الجمل بقوله و إنما تحدّ الأدوات آه مشعرا بکون عمدة النظر فیهما إلی بیان وصف الالات بالحدوث و إظهار نقصها و قصورها و ان کان المقصود بالذات منهما جمیعا الدلالة علی تنزیه الباری سبحانه من القصور و النقصان.

و کیف کان فتوضیح دلالة هذا الکلام علی المرام یحتاج إلی تمهید مقدّمة أو بیّنة و هی:

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 75

أنّ لفظ منذ مثل اختها مذلها معنیان:

أحدهما أوّل المدّة أی ابتداء زمان الفعل الذی قبلها مثبتا أو منفیا تقول رأیته منذ یوم الجمعة أو ما رأیته منذ یوم الجمعة أی أوّل مدّة الرؤیة أو انتفاؤها یوم الجمعة.

و ثانیها جمیع مدّة الفعل الذی قبلها مثبتا أو منفیا، نحو صحبنی منذ یومان أی مدّة صحبته یومان فیلیها الزّمان الذی فیه معنی العدد، و یجب أن یلیها مجموع زمان الفعل من أوّله الی آخره المتصل بزمان التکلّم.

و قد یقع بعدها مصدر أو فعل أو ان فیقدّر زمان مضاف الی هذه نحو ما رأیته منذ سفره أو منذ سافر أو منذ أنه سافر أی منذ زمان سفره و منذ زمان سافر و منذ زمان أنه سافر.

و لفظة قد اذا دخلت علی الماضی تفید التحقیق و تقریب الماضی من الحال تقول: قد رکب زید أی حصل رکوبه عن قریب، فان قلت رکب زید احتمل الماضی القریب و البعید و لذلک لا تدخل علی الفعل الغیر المنصرف مثل نعم و بئس و عسی و لیس لأنّها لیست بمعنی الماضی حتی یقرّب معناها من الحال.

و لفظة لو لا موضوعة للدخول علی جملة اسمیة ففعلیة لربط امتناع الثانیة بالاولی تقول لو لا زید لأکرمتک أی لو لا زید موجود، فهی تدلّ علی امتناع الاکرام بسبب وجود زید، و تقول فی الأشیاء البدیعة المعجبة ما أحسنها و ألطفها لو لا ما فیها من عیب کذا، فتفید انتفاء شدّة الحسن و الاعجاب بوجود العیب الموجود فیها.

و إذا مهّدت هذه المقدّمة الشریفة نقول:

معنی کلامه علیه السّلام علی روایة رفع منذ و قد و لو لا بالفاعلیة أنّ صحّة إطلاق هذه الألفاظ الثلاثة بمعانیها المذکورة و اطراد استعمالها فی الالات و الأدوات فی نفسها و ما یتعلّق بها من أوصافها أو فی أهلها أعنی من له تلک الالات تدلّ علی حدوثها و نقصانها و ذلک لأنّ دخول لفظة منذ علیها فی قولنا: هذه الالات وجدت منذ زمن طویل أو قصیر أو أعوام کذا تمنعها من کون تلک الالات قدیمة، إذ القدیم متعال عن الزّمان و لا ابتداء لوجوده.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 76

و کذا دخول لفظة قد علیها فی قولنا: قد وجدت تلک الالات فی وقت کذا یمنعها من کونها أزلیّة لافادتها تقریب زمان وجودها من الحال المنافی للأزلیّة إذ الأزلی ما لا بدایة لوجوده فکیف یکون الزمان الماضی ظرفا لوجوده فضلا عن القرب إلی الحال.

و کذا صحّة استعمال لو لا فیها فی قولنا: ما أحسن تلک الالات و أکملها أو أحسن و أکمل أربابها لو لا فنائها یجنّبها أی تجعلها أجنبیّة من التکملة و الوصف بالکمال.

فملخّص المعنی أنها منعتها صحّة دخول منذ من قدمتها، و صحّة دخول قد من أزلیتها و جعلها صحّة استعمال لو لا أجنبیة من تکملتها أی من توصیفها بالکمال.

و أما علی روایة النّصب و کون القدمة و الأزلیّة و التکملة مرفوعات بالفاعلیة فالمراد بیان قدم الباری و کماله سبحانه.

و معنی الکلام أن هذه الالات منعها کون الباری قدیما من جواز استعمال لفظة منذ المربوط معناها بالزمان فیه تعالی و اطلاقها علیه سبحانه، لأنّ القدیم سابق علی الوقت و الزمان، و کذا منعها کونه سبحانه أزلیا من جواز استعمال قد فیه عزّ شأنه، و جنّبها کونه علی غایة العزّ و الکمال و منتهی العظمة و الجلال من دخول لفظة لو لا المفصحة عن القصور و النقصان علی ذاته و صفاته تعالی هذا.

و لما ذکر علیه السّلام قدسه تعالی عن الاتّصاف بحدّ و الاحتساب بعدّ و ارتفاع ذاته عن تحدید الالات و المشاعر، و تعالیه عن إدراک الممکنات عن الأعراض و الجواهر و أشار إلی حدوث الالات و قصورها و نقصانها و قدمة الباری و أزلیته و کماله أردفه بقوله (بها تجلی صانعها للعقول و بها امتنع عن نظر العیون) تنبیها علی أنها علی ما فیها من القصور و النقص غیر عادم المدخلیة فی معرفته سبحانه، إذ بها عرفنا صفات جماله، و بها علمنا صفات جلاله.

فمعنی قوله علیه السّلام: بها تجلّی صانعها للعقول، أنّه بخلقه تلک المشاعر و الالات علی

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 77

وجه الاتقان و الاحکام، و تقدیره إیّاها علی النظام الأکمل و إفاضتها علینا و إهداء کلّ منها إلی ما خلق لأجلها من المصالح و المنافع التی لا تعدّ و لا تحصی، تجلّی سبحانه لعقولنا و علمنا علما لا یعتریه شکّ و ریب أنّ لها صانعا قادرا عالما مدبّرا حکیما و أیضا فانه سبحانه لما خلق تلک الالات و الحواس المدرکة لبدایع ما فی عالم الامکان عرفنا بإدراکها أنّ لذلک العالم مبدعا قادرا و صانعا قاهرا فکانت تلک الالات طرقا لعرفان العقل کما قال عزّ من قائل  «سَنُرِیهِمْ آیاتِنا فِی الْآفاقِ وَ فِی أَنْفُسهِمْ حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» و معنی قوله: و بها امتنع عن نظر العیون، أنّه بها استنبطنا استحالة کونه مرئیا بحاسة البصر، و ذلک لأنا بالمشاعر و الحواس کملت عقولنا استخرجنا الدّلالة علی أنّه لا تصحّ رؤیته، و عرفنا أنه یستحیل أن یعرف بغیر العقل و أنّ قول من قال إنّا سنعرفه رؤیة و مشافهة بالحاسة باطل، هکذا قال الشارح المعتزلی.

و قال الشارح البحرانی: إنّه بایجادها و خلقها بحیث تدرک بحاسّة البصر علم أنّه تعالی یمتنع أن یکون مرئیا مثلها، و ذلک لأنّ تلک الالات إنما کانت متعلّقة حسّ البصر باعتبار أنّها ذات وضع وجهة و لون و غیره من شرایط الرؤیة، و لما کانت هذه الأمور ممتنعة فی حقّه تعالی لا جرم امتنع أن یکون محلّا لنظر العیون.

و قال العلّامة المجلسی (ره): لما رأینا المشاعر انما تدرک ما کان ذا وضع بالنسبة إلیها علمنا أنه لا یدرک بها، لاستحالة الوضع فیه.

و الثالث و العشرون أنه سبحانه (لا یجری علیه السکون و الحرکة) لأنّهما من أقسام الأعراض و أوصاف الأجسام فیستحیل جریانهما علیه سبحانه، و أوضح ذلک الدّلیل بوجوه:

أحدها ما أشار إلیه بقوله  استفهام انکاری (و کیف یجری علیه ما هو أجراه و یعود فیه ما هو أبداه و یحدث فیه ما هو أحدثه) استفهام علی سبیل الانکار و الابطال لجریهما علیه تعالی  تقریره أنّه عزّ و جلّ هو جاعل الحرکة و السّکون و مبدؤهما و موجدهما فهما من مجعولاته و آثاره سبحانه فی الأجسام، و کلّ ما کان من آثاره فیستحیل اتّصافه به.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 78

أمّا أنهما من آثاره سبحانه فواضح و أمّا استحالة اتّصافه بهما فلأنّ المؤثّر واجب التقدّم بالوجود علی الأثر فذلک الأثر:

إمّا أن یکون معتبرا فی صفات الکمال فیلزم أن یکون الواجب ناقصا بذاته مستکملا بغیره من آثاره، و النقص علیه محال.

و إمّا أن لا یکون معتبرا فی صفات الکمال فله الکمال المطلق بدون ذلک الأثر فیکون إثباته له و توصیفه به نقصا فی حقّه لأنّ الزیادة علی الکمال المطلق نقصان و هو علیه محال.

ثانیها ما أشار إلیه بقوله  (اذا لتفاوتت ذاته) یعنی أنّه لو جریا علیه لکان ذاته متفاوتة متغیّرة بأن یکون تارة متحرّکة و أخری ساکنة و الواجب لا یکون محلّا للحوادث و المتغیّرات لرجوع التغییر فیها إلی الذات.

ثالثها ما أشار إلیه بقوله  (و لتجزّء کنهه) أی لو کان متّصفا بهما یلزم أن یکون ذاته و کنهه متجزّءا کما قد أفصح عنه فی الفصل الرابع من الخطبة الاولی بقوله: فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه و من قرنه فقد ثنّاه و من ثنّاه فقد جزّاه.

و توضیحه أنّهما من الأعراض الخاصّة بالأجسام فلو اتّصف الواجب تعالی بهما لکان جسما و کلّ جسم مرکب قابل للتجزئة و کلّ مرکب مفتقر إلی أجزائه و ممکن، فیکون الواجب مفتقرا ممکنا و هو باطل.

و قیل فی وجه الملازمة: إنّ اتّصافه بهما یستلزم شرکته مع الممکنات فیلزم ترکبه ممّا به الاشتراک و ممّا به الامتیاز، و ما قلناه أولی.

رابعها ما أشار إلیه بقوله  (و لامتنع من الأزل معناه) و هو فی الحقیقة تعلیل لما سبق أی إذا استلزم اتصافه بهما للترکیب و التجزئة التی هی من خواصّ الأجسام فیمتنع استحقاقه للأزلیّة لأنّه حینئذ یکون جسما و کلّ جسم حادث.

خامسها ما أشار إلیه بقوله  (و لکان له وراء إذ وجد له أمام) و هذا الدّلیل

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: مخصوص بنفی الحرکة.79

قال الشارح المعتزلی: یقول لو حلته الحرکة لکان جرما و حجما و لکان أحد وجهیه غیر وجهه الأخر لا محالة فکان منقسما.

و قال الشارح البحرانی: لو جرت علیه الحرکة لکان له أمام یتحرّک إلیه و حینئذ یلزم أن یکون له وراء إذ له أمام لأنهما إضافتان لا تنفکّ إحداهما عن الاخری لکن ذلک محال لأنّ کلّ ذی وجهین فهو منقسم، و کلّ منقسم ممکن.

و سادسها ما أشار إلیه بقوله  (و لالتمس التّمام إذ لزمه النقصان) و هذا الدلیل أیضا مخصوص بنفی الحرکة و یستفاد منه نفی السّکون بالأولویّة یقول علیه السّلام:

إنّه سبحانه لو کان متحرّکا لکان ملتمسا بحرکته کمالا لم یکن له حال سکونه لأنّ السکون کما قاله الحکماء عدم و نقص، و الحرکة وجود و کمال، فلو کان الواجب تعالی متحرّکا لکان طالبا بالحرکة الطاریة علی سکونه الکمال و التمام لکنه یستحیل أن یکون له حالة نقصان و أن یکون له حال بالقوّة و أخری بالفعل.

قال الشارح البحرانی فی تقریره: إنّ جریان الحرکة علیه مستلزم لتوجّهه بها إلی غایة إما جلب منفعة أو دفع مضرّة، إذ من لوازم حرکات العقلاء ذلک، و علی التقدیرین فهما کمال مطلوب له لنقصان لازم لذاته، لکن النقصان بالذات و الاستکمال بالغیر مستلزم للامکان فالواجب ممکن، هذا خلف.

أقول: و ان شئت مزید توضیح لهذا الدلیل فهو موقوف علی تحقیق معنی الحرکة و بسط الکلام فی المقام فأقول:

عرّفها أرسطو و من تابعه بأنها کمال أول لما هو بالقوّة من حیث هو بالقوّة و عرّفها المتکلّمون بأنها حصول الجسم فی مکان بعد آخر، و تقییدهم الحصول بالمکان بناء علی أنّهم لا یثبتون الحرکة فی سایر المقولات بل یخصّونها بمقولة الأین فقط، و أمّا الأوّلون فیحکمون بوقوعها فی الأین و الوضع و الکمّ و الکیف، و تفصیل ذلک موکول إلی الکتب الکلامیّة، و المراد بالکمال فی تعریفهم هو الحاصل بالفعل.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 80

قال الشارح القوشجی: و إنّما سمّی الحاصل بالفعل کمالا لأنّ فی القوّة نقصانا و الفعل تمام بالنسبة إلیها، و هذه التسمیة لا یقتضی سبق القوّة بل یکفیها تصوّرها و فرضها.

و احترز بقید الأولیّة عن الوصول، فانّ الجسم إذا کان فی مکان مثلا و هو ممکن الحصول فی مکان آخر کان له إمکانان إمکان الحصول فی ذلک المکان و إمکان التوجّه إلیه، و هما کمالان و التوجّه مقدّم علی الوصول فهو کمال أوّل و الوصول کمال ثان.

ثمّ إنّ الحرکة تفارق سایر الکمالات من حیث إنّها لا حقیقة لها إلّا التّوجه إلی الغیر فالسّلوک إلیه، فلا بدّ من مطلوب ممکن الحصول لیکون التوجّه توجّها إلیه، و من أن لا یکون ذلک المطلوب حاصلا بالفعل، إذ لا توجّه بعد حصول المطلوب.

فالحرکة إنما تکون حاصلة بالفعل إذا کان المطلوب حاصلا بالقوّة، لکن من حیث هو بالقوّة لا من حیث هو بالفعل و لا من حیثیة اخری کسایر الکمالات فانّ الحرکة لا تکون کمالا للجسم فی جسمیّته أو فی شکله أو نحو ذلک، بل من الجهة التی هو باعتبارها کان بالقوّة أعنی الحصول فی المکان الاخر.

و احترز بهذا القید عن کمالاته التی لیست کذلک کالصّورة النوعیّة، فانّها کمال أوّل للمتحرّک الذی لم یصل إلی المقصود، لکن لا من حیث هو بالقوّة بل من حیث هو بالفعل.

و أنت إذا عرفت ذلک تعرف أنّ الحقّ الأوّل تعالی شأنه یمتنع جریان الحرکة علیه سواء کانت بالمعنی الذی یقوله الفلاسفة أو بالمعنی الذی یقوله المتکلّمون.

أمّا علی الثانی فواضح لأنها عندهم هو حصول الجسم فی مکان بعد آخر و هو تعالی لیس بجسم و لا حاجة له إلی المکان.

و أمّا علی الأوّل فأوضح.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 81

أمّا أوّلا فلأنّ محلّها عندهم هو المولات الأربع أعنی الکم و الکیف و الوضع و الأین و کلّها من أنواع العرض و اللّه سبحانه لیس بعرض و لا جوهر بل خالق الجوهر و العرض و جاعل الوضع و الکم وو الذی أیّن الأین بلا أین و کیّف الکیف بلا کیف.

أمّا ثانیا فلأنه تعالی لیس له کمال بالفعل و کمال بالقوّة بل جمیع کمالاته فعلیة.

و أمّا ثالثا فلأنه لیس عادما بشیء من الکمالات حتّی یحتاج بحرکته إلی تحصیل کمال بل هو کامل فی ذاته و تمام فی صفاته جامع لجمیع الکمالات الذاتیة و الصّفاتیة، هذا.

و قد نبه علی عدم جریان الحرکة علیه سبحانه بمعنییه أبو إبراهیم موسی ابن جعفر علیه السّلام فی الحدیث المروی فی الکافی عن یعقوب بن جعفر الجعفری قال:

ذکر عند أبی إبراهیم علیه السّلام قوم یزعمون أنّ اللّه تبارک و تعالی ینزل إلی السّماء الدّنیا فقال علیه السّلام: إنّ اللّه لا ینزل و لا یحتاج إلی أن ینزل إنما منظره فی القرب و البعد سواء، لم یبعد منه قریب و لم یقرب منه بعید، و لم یحتج إلی شیء بل یحتاج إلیه و هو ذو الطول لا إله إلّا هو العزیز الحکیم أما قول الواصفین انّه ینزل تبارک و تعالی فانما یقول ذلک من ینسبه إلی نقص أو زیادة و کلّ متحرّک محتاج إلی من یحرّکه أو یتحرّک به فمن ظنّ باللّه الظنون هلک، فاحذروا فی صفاته من أن تقفوا له علی حدّ یحدّونه بنقص أو زیادة أو تحریک أو تحرّک أو زوال أو استنزال أو نهوض أو قعود، فانّ اللّه جلّ و عزّ عن صفة الواصفین و نعت الناعتین و توهّم المتوهّمین و توکّل علی العزیز الرّحیم الذی یراک حین تقوم و تقلّبک فی الساجدین.

قال بعض الأفاضل  «1» فی شرح الحدیث:

قوله علیه السّلام «إنّ اللّه لا ینزل و لا یحتاج إلی أن ینزل» لأنّ المتحرّک من مکان إلی مکان إنما یتحرّک لحاجة إلی الحرکة إذ لیست نسبته إلی جمیع الأمکنة نسبة واحدة


 (1) صدر المتألهین فی شرح الکافی. منه.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 82

بل إذا حضر له مکان أو مکانیّ غاب عنه مکان أو مکانیّ آخر، و إذا قرب من شیء بعد عن شیء آخر فاذا حصل فی مکان و کان مطلوبه فی مکان آخر فیحتاج فی حصول مطلوبه إلی الحرکة إلی مطلوبه أو حرکة مطلوبه إلیه، و اللّه سبحانه لما لم یکن مکانیا کان نسبته إلی جمیع الأمکنة و المکانیّات نسبة واحدة و لیس شیء أقرب إلیه من شیء آخر و لا أبعد و لا هو أقرب إلی شیء من شیء آخر و لا أبعد إلّا بمعنی آخر غیر المکانی و هو القرب بالذات و الصّفات و نحو ذلک و البعد الذی بازائه، و إلی ذلک أشار علیه السّلام بقوله: «إنما منظره فی القرب و البعد» یعنی المکانیّین «سواء».

و قوله علیه السّلام «و لم یحتج إلی شیء» تعمیم لقوله: و لا یحتاج إلی أن ینزل، فالأول إشارة إلی البرهان علی نفی الحرکة فی المکان بما ذکره فی تساوی منظره فی القرب و البعد من الأحیاز و الأمکنة، و هذا إشارة الی البرهان علی نفی الحرکة و التغیّر مطلقا بأنّ معنی الحرکة الخروج من القوّة إلی الفعل، و بعبارة اخری کمال ما بالقوّة من جهة ما هو بالقوّة و کلّ ما هو بالقوّة فی شیء فهو فاقد له محتاج إلیه لأنّه کمال وجودی له، و إلّا لم یتحرّک إلیه، و الحقّ تعالی غیر محتاج إلی شیء أصلا فهو غیر متحرّک بوجه من الوجوه لا فی المکان و لا فی غیره و إنما قلنا إنه لم یحتج إلی شیء لأنّ ما سواه من الأشیاء کلّها إنما حصلت منه و هو أصلها و منبعها و منشاؤها، و هو المتطوّل علیها المتفضّل المنعم بالاحسان إلیها، فهی المحتاجة إلیه تعالی، فلو احتاج هو إلی شیء یلزم افتقار الشیء إلی ما یفتقر إلیه من حیثیة واحدة، و ذلک محال، لاستلزامه توقف الشیء علی نفسه و ذلک قوله علیه السّلام «بل یحتاج إلیه و هو ذو الطول لا إله إلّا هو العزیز الحکیم».

و لما ذکر علیه السّلام القاعدة الکلّیة بالبیان البرهانی علی نفی الحرکة المکانیة أوّلا ثمّ علی نفی الحرکة و التغیّر علی الاطلاق أراد أن یشیر إلی المفاسد التی یلزم من القول بوصفه تعالی بنزوله من مکان إلی مکان فقال: «أما قول الواصفین أنه ینزل تبارک و تعالی فانما یقول ذلک من ینسبه إلی نقص أو زیادة» یعنی أنّ النزول ضرب من الحرکة و أنّ کلّ ما یتحرّک

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 83

سواء کانت الحرکة فی الأین أو فی غیره فهو خارج من نقص إلی کمال فیلزم علی هؤلاء الواصفین ربّهم بالنزول أن ینسبوه إلی نقص و ذلک قبل الحرکة أو إلی زیادة و هی بعد الحرکة و الخروج من القوّة إلی الفعل، و کلّ ما یوصف بنقص أو زیادة ففی ذاته إمکان أن ینفعل من غیره فیترکب ذاته من قوّة و فعل، بل من مادّة بها یکون بالقوّة، و من صورة بها یکون بالفعل و کلّ مرکب فهو ممکن الوجود محتاج إلی غیره فیلزم أن لا یکون إله العالم واجب الوجود، و هذا محال و قوله «و کلّ متحرّک محتاج إلی من یحرّکه أو یتحرّک به» إشارة إلی حجّة أخری علی بطلان توهّم الحرکة، و هی أنّ کلّ متحرّک لا بدّ له من محرّک غیره، سواء کان مباینا له کالحرکات النفسانیة و هو المعبّر عنه بقوله من یحرّکه، أو مقارنا له کالحرکات الطبیعیّة و هو المعبّر عنه بقوله أو یتحرّک به، و ذلک لأنّ الحرکة صفة حادثة لکون أجزائها غیر مجتمعة فی الوجود، و کلّ جزء منها مسبوق بجزء آخر فیکون جمیعها حادثة و ما یترکب فهو أولی فهی لکونها صفة تحتاج إلی قابل و لکونها حادثه تحتاج إلی فاعل، و لا بدّ أن یکون فاعلها غیر قابلها لأنّ المحرّک لا یحرّک نفسه بل بشیء یکون متحرّکا بالقوّة و فاعلها امر بالفعل فکلّ متحرّک یحتاج إلی محرّک یغایره و المحتاج إلی الغیر لا یکون واجبا فیلزم أن لا یکون إله العالم واجبا و هو محال و سابعها ما أشار إلیه بقوله  (و إذا لقامت آیة المصنوع فیه) أی لو کان فیه الحرکة و السّکون لقامت فیه علامة المصنوع لکونهما من صفات المصنوعات الحادثة، فیلزم أن لا یکون إله العالم صانعا بل مصنوعا مفتقرا إلی صانع کسایر الممکنات و المصنوعات الموصوفة بالحدوث.

و ثامنها ما أشار إلیه بقوله  (و لتحول دلیلا بعد أن کان مدلولا علیه) یعنی أنا استدللنا علی وجوده سبحانه بحدوث الأجسام و تغیراتها و حرکاتها و انتقالاتها من حال إلی حال، فلو کان إله العالم متغیّرا متحرّکا منتقلا من حال إلی حال لاشتراک

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 84

مع غیره فی صفات الامکان و ما یوجب الافتقار إلی العلّة فکان دلیلا علی صانع صنعه و أحدثه لا مدلولا علیه بأنه صانع و هو باطل، هذا.

و لما ذکر المفاسد التی تترتب علی جریان الحرکة و السکون علیه سبحانه، و أبطل جوازهما علیه بالوجوه الثمانیة عقّبه بقوله  (و خرج بسلطان الامتناع من أن یؤثر فیه ما یؤثر فی غیره) و اختلف شراح النهج فیما عطفت هذه الجملة علیه:

فقال الشارح المعتزلی: إنها عطف علی قوله علیه السّلام کان مدلولا علیه، و تقدیر الکلام کان یلزم أن یتحوّل الباری دلیلا بعد أن کان مدلولا علیه و بعد أن خرج بسلطان الامتناع من أن یؤثر فیه ما اثر فی غیره.

و قال الشارح البحرانی: قد یسبق إلی الوهم أنها عطف علی الأدلة المذکورة و ظاهر أنّه لیس کذلک بل هو عطف علی قوله: امتنع أی بها امتنع عن نظر العیون و خرج بسلطان ذلک الامتناع أی امتناع أن یکون مثلها فی کونها مرئیة للعیون و محلّا للنظر إلیها عن أن یؤثر فیه ما یؤثر فی غیره من المرئیات و هی الأجسام و الجسمانیات، و ظاهر أنه لما امتنع عن نظر العیون لم یکن جسما و لا قائما به فخرج لسلطان استحقاق ذلک الامتناع عن أن یکون یؤثر فیه ما یؤثر فی غیره من الأجسام و الجسمانیات و عن قبول ذلک.

و قال بعض الشارحین: إنها عطف علی قوله: تجلّی، أی بها تجلّی صانعها للعقول و خرج بسلطان الامتناع عن کونه مثلا لها أی بکونه واجب الوجود ممتنع العدم عن أن یکون ممکنا فیقبل أثر غیره کما یقبله سایر الممکنات.

أقول: و أنت خبیر بسخافة هذا القول کسابقه و إباء سوق کلامه علیه السّلام عنهما جمیعا، لأنه علیه السّلام قد ذکر هذه الجملة فی ذیل المفاسد المترتبة علی جریان الحرکة و السّکون لا فی ذیل تجلّی الصانع للعقول و امتناعه عن نظر العیون، فلا ارتباط له بشیء منهما مع طول الفصل بین المعطوف و المعطوف علیه بجملات أجنبیّة تنیف علی عشر.

نعم ما قاله الشارح المعتزلی لا بأس به إلّا أنّ الأظهر الأولی أن تجعل الواو

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 85

فی هذه الجملة حالیة لا عاطفة و تکون الجملة فی محلّ النصب علی الحال بتقدیر قد علی حدّ قوله تعالی «حصرت صدورهم» و ذو الحال هو الضمیر المستتر فی تحول الراجع إلی اللّه سبحانه، فیکون تحول عاملا فیها و لا غبار علیه عند المشهور من علماء الأدبیة.

و أما علی قول بعضهم من أنّ جمیع العوامل اللفظیة تعمل فی الحال إلّا الأفعال الناقصة فاجعلها حالا من ضمیر فیه فی قوله: و لقامت آیة المصنوع فیه فالعامل حینئذ قامت و حسن ارتباطها بالجملتین مضافا إلی قربهما غیر خفیّ علی صاحب الذّوق السّلیم فانّه علیه السّلام لما ذکر استلزام جریان الحرکة علیه سبحانه لقیام علامة الصنع و آثار الامکان فیه المفید لتأثره من صانعه، و ذکر أیضا استلزامه لکونه تعالی دلیلا علی مدلوله المفید لکونه معلولا منفعلا من علّته و فاعله، عقّبه بهذه الجملة تنبیها علی بطلان اللّازمین کلیهما المستلزم لبطلان ملزومهما، و هو جریان الحرکة علیه.

فمحصّل نظم الکلام أنه تعالی لو جری علیه الحرکة و اتّصف بها لقام فیه أثر صانعه المحرک و ظهر علیه فعل علّته الفاعل له، و الحال أنه قد خرج بسلطنة الکلیة علی جمیع من سواه و امتناع التأثر و استحالة الانفعال بما له من وجوب الوجود عن أن یؤثر فیه ما یؤثر فی غیره من الممکنات و أن یتأثر من غیره کسایر الموجودات لأنّ غیره و من سواه جمیعا بکونه دلیلا فی قید الامکان مفتقر إلی المؤثر محتاج إلی العلّة فوجوده و افعاله مکتسب من الغیر فهو لا یملک لنفسه نفعا و لا ضرّا و لا موتا و لا حیاتا و لا نشورا، و أما إله الحیّ القیّوم العزیز الشأن فوجوده و صفاته الذاتیة عین ذاته و أفعاله الصّادرة بنفس ذاته المقدّسة فلا افتقار له إلی المؤثر و لا حاجة له إلی المدبّر بل هو المؤثر فی جمیع العالم، لا إله إلّا هو العزیز الحکیم.

و الرابع و العشرون أنه (الذی لا یحول و لا یزول) أی لا یمضی و لا یکون زائلا من مکان إلی مکان و من حال إلی حال لاستحالة التغیّر و الانتقال علیه عزّ و جلّ.

 (و) الخامس و العشرون أنه (لا یجوز علیه) الغیبة و (الأفوال) لاستلزامه الانتقال و الحرکة الدالة علی الحدوث.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 86

و لذلک استدلّ به إبراهیم علیه السّلام علی عدم ربوبیّة الکوکب و الشمس و القمر کما حکاه سبحانه عنه فی کتابه العزیز بقوله  فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأی کَوْکَباً قالَ هذا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ. فَلَمَّا رَأَی الْقَمَرَ بازغاً قالَ هذا رَبِّی فَلَمَّا. أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ یَهْدنِی رَبِّی لَأَکُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّینَ. فَلَمَّا رَأَی الشَّمْسَ بازغَةً قالَ هذا رَبِّی هذا أَکْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ یا قَوْمِ إِنِّی بَرِیءٌ مِمَّا تُشْرِکُونَ». قال الطبرسی «ره» و إنما استدلّ إبراهیم بالأفول علی حدوثها لأنّ حرکتها بالأفول أظهر و من الشبهة أبعد، و إذا جازت علیها الحرکة و السّکون کانت مخلوقة محدثة محتاجة إلی المحدث.

السادس و العشرون (لم یلد فیکون مولودا و لم یولد فیصیر محدودا) أما أنه سبحانه لم یلد شیئا و لم یولد من شیء فقد مرّ بیانه فی شرح الخطبة التی رواها عنه نوف البکالی و هی الخطبة المأة و الاحدی و الثمانین.

و أما الملازمة بین مقدم القضیة الاولی و تالیها.

فأما بناء علی ما هو المتعارف المعتاد بحسب الاستقراء من أنّ کلّ ما له ولد فانه یکون مولودا و إن لم یجب ذلک عقلا کادم أبی البشر أنه علیه السّلام والد و لیس بمولود و کاصول أنواع الحیوان الحادثة.

أو بناء علی ما قاله الشارح المعتزلی من أنه لیس معنی الکلام أنّه یلزم من فرض وقوع أحدهما فرض وقوع الاخر، و إنما المراد أنه یلزم من فرض صحّة کونه والدا صحّة کونه مولودا و التالی محال وجهة التلازم أنه لو صحّ أن یکون والدا علی التفسیر المفهوم من الوالدیة و هو أن یتصوّر من بعض أجزائه حیّ آخر من نوعه علی سبیل الاستحالة لذلک الجزء کما نعقل فی النطفة المنفصلة من الانسان المستحیلة إلی صورة اخری حتّی یکون منها بشر آخر من نوع الأوّل لصحّ علیه أن یکون هو مولودا من والد آخر قبله.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 87

و ذلک لأنّ الأجسام متماثلة فی الجسمیّة و قد ثبت ذلک بدلیل عقلی واضح و کلّ مثلین فانّ أحدهما یصح علیه ما یصحّ علی الاخر، فلو صحّ کونه والدا صحّ کونه ولدا.

و أمّا بطلان التالی فلأنّ کلّ مولود متأخّر بالزّمان عن والده و محدث و الحقّ الأوّل عزّ و جلّ قدیم فلا یجوز علیه أن یکون مولودا، و أیضا لو کان مولودا لکان محدودا کما صرّح به فی القضیة الثانیة و الثانی باطل فالمقدّم مثله و وجه الملازمة أنّه لو کان مولودا لکان محاطا و محدودا بالمحلّ المتولّد منه و أیضا الشیء المتولّد من شیء لا بدّ له من مادّة و صورة و غیرهما من شرایط وجوده و ترکیبه و من جزئین بأحدهما یشارک أفراد نوعه و بالاخر یتمیّز عنهم و هی أجزاؤه التی یقف عندها و ینتهی عند التحلیل إلیها، فثبت أنّه لو کان مولودا لکان محدودا.

و أمّا بطلان التالی فلما قد مرّ فی تضاعیف الشرح غیر مرّة و فی شرح هذه الخطبة بخصوصها عند تفسیر قوله: لا یشمل بحدّ، من أنّه سبحانه منزّه عن الحدّ مطلقا اصطلاحیّا کان أعنی القول الشارح لمهیّة الشیء لاستلزامه الترکیب المستحیل علیه أو لغویا أعنی غایة الشیء و نهایته، لأنّه سبحانه غایة الغایات و منتهی النهایات لا غایة له و لا نهایة.

و بعبارة اخری کونه مولودا یلزمه الحوایة و احاطة المحلّ المتولّد منه به و هو یستلزم کونه ذا نهایة و حدّ و هو محال، لأنّ النهایة و الحدّ من عوارض الأجسام و ذات الأوضاع و المقادیر تعرض لها بالذات و للواحقها کالأزمنة و الحرکات و للأمور المتعلّقة بها کالقوی و الکیفیّات بالعرض، و الأوّل تعالی لیس بجسم و لا جسمانی و لا متعلّق به ضربا من التعلّق فهو منزّه عن الحدّ و النهایة.

فظهر بذلک کله أنه سبحانه لیس بمحدود، فلیس بمولود فلیس بذی ولد بل هو الواحد الأحد الصمد لم یلد و لم یولد و لم یکن له کفوا أحد.

السابع و العشرون انّه (جلّ عن اتّخاذ الأبناء) و هو تأکید لما سبق لأنّه لما ذکر آنفا أنه لیس بذی ولد أکدّه بذلک تنبیها علی جلالة شأنه من اتّخاذ الولد

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 11، ص: 88

لأنّ من اتّخذ ولدا فانما یتّخذه لدواعی تدعوه إلیه من العطوفة و الشفقة و المعاونة فی حیاته و الوراثة عنه و الخلافة فی مقامه بعد مماته إلی غیر ذلک من الدواعی التی هی من عوارض الممکن، و الواجب تعالی منزّه عن ذلک کلّه.

 (و) الثامن و العشرون انّه (طهر عن ملامسة النساء) لأنّ ملامستهنّ من مقتضیات القوّة البهیمیّة الحیوانیّة المنزّه قدسه عنها مع أنّ الملامسة من صفات القوّة اللّامسة التی هی من خواصّ الأجسام.

الترجمة:

فرو گرفته نشده بحدّی از حدود، و بحساب آورده نمی شود با شمردن، جز این نیست که محدود میکند أدوات و قوای مدرکه نفسهای خود را، و اشاره میکند آلات بدنیه بنظایر خودش.

مانع شد أدوات و آلات را دخول لفظ منذ از قدیمی آنها، و منع کرد دخول لفظ قد از ازلی بودن آنها، و کنار نمود دخول لفظ لو لا در کامل بودن آنها، با ایجاد مشاعر و قوی آشکار گشت صانع آنها از برای عقول دراکه، و با آنها معلوم شد امتناع او از مشاهده چشمها، جاری نمی شود بر او حرکت و سکون، و چگونه جاری شود بر او چیزی که او جاری کرده است آنرا، و چگونه باز گردد در او چیزی که او اظهار فرموده آنرا، و چگونه حادث می شود در او چیزی که او حادث کرده است آن را.

هرگاه صانع متّصف با حرکت و سکون باشد هر آینه متفاوت شود ذات او و متجزی شود کنه او، و ممتنع باشد از أزلی بودن حقیقت او، و هر آینه می شد او را پشت سر در صورتی که یافته شد او را پیش رو، و هر آینه خواهش تمامیت و کمال می نمود در صورتی که لازم بود او را نقصان، و هر گاه خواهش تمامیّت نماید هر آینه بر پا شود و ثابت باشد در او علامت مصنوع و مخلوق، و هر آینه بگردد واجب تعالی دلیل بر وجود صانع بجهت تضمّن علامت مصنوعیت بعد از این که بود مدلول همه عالم دلیل بر او بودند حال آنکه خارج شده بسبب سلطنت و امتناع تاثر اتصاف بصفت مخلوقات از این که تأثیر بکند در او چیزی که تأثیر میکند در غیر او.

و آن چنان پروردگاری که منتقل نمی شود از حالی بحالی، و زایل نمی شود از مکانی بمکانی، و جایز نمی شود بر او غایب شدن از مخلوقات، خارج نبوده از او چیزی تولید نکرده چیزی را تا این که متولّد شود او از چیز دیگر، و زائیده نشده تا این که محدود بحد متناهی بوده باشد. بزرگست ذات او از أخذ أولاد و پسران، و پاکست وجود او از ملامست و معاشرت زنان.