[hadith]منها فی صفة [عجیب] خلق أصناف من الحیوان:
وَ لَوْ فَکَّرُوا فِی عَظِیمِ الْقُدْرَةِ وَ جَسیمِ النِّعْمَةِ، لَرَجَعُوا إِلَی الطَّرِیقِ وَ خَافُوا عَذَابَ الْحَرِیقِ، وَ لَکِنِ الْقُلُوبُ عَلِیلَةٌ وَ الْبَصَائِرُ مَدْخُولَةٌ. أَلَا یَنْظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ کَیْفَ أَحْکَمَ خَلْقَهُ وَ أَتْقَنَ تَرْکِیبَهُ، وَ فَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ سَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَ الْبَشَرَ؟ انْظُرُوا إِلَی النَّمْلَةِ فِی صِغَرِ جُثَّتِهَا وَ لَطَافَةِ هَیْئَتِهَا، لَا تَکَادُ تُنَالُ بلَحْظِ الْبَصَرِ وَ لَا بمُسْتَدْرَکِ الْفِکَرِ. کَیْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا وَ صُبَّتْ عَلَی رِزْقِهَا، تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَی جُحْرِهَا وَ تُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا؛ تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدهَا وَ فِی وِرْدهَا لِصَدَرِهَا؛ مَکْفُولٌ برِزْقِهَا، مَرْزُوقَةٌ بوَفْقِهَا. لَا یُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ وَ لَا یَحْرِمُهَا الدَّیَّانُ، وَ لَوْ فِی الصَّفَا الْیَابس وَ الْحَجَرِ الْجَامِس؛ وَ لَوْ فَکَّرْتَ فِی مَجَارِی أَکْلِهَا [وَ] فِی عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا وَ مَا فِی الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسیفِ بَطْنِهَا وَ مَا فِی الرَّأْس مِنْ عَیْنِهَا وَ أُذُنِهَا، لَقَضَیْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَ لَقِیتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً. فَتَعَالَی الَّذی أَقَامَهَا عَلَی قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَی دَعَائِمِهَا، لَمْ یَشْرَکْهُ فِی فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ وَ لَمْ یُعِنْهُ عَلَی خَلْقِهَا قَادرٌ. وَ لَوْ ضَرَبْتَ فِی مَذَاهِب فِکْرِکَ لِتَبْلُغَ غَایَاتِهِ، مَا دَلَّتْکَ الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَی أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ، لِدَقِیقِ تَفْصِیلِ کُلِّ شَیْءٍ وَ غَامِضِ اخْتِلَافِ کُلِّ حَیٍّ؛ وَ مَا الْجَلِیلُ وَ اللَّطِیفُ وَ الثَّقِیلُ وَ الْخَفِیفُ وَ الْقَوِیُّ وَ الضَّعِیفُ فِی خَلْقِهِ إِلَّا سَوَاءٌ.[/hadith]