[hadith]خلقة الخفاش:

وَ مِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ وَ عَجَائِب خِلْقَتِهِ مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِکْمَةِ فِی هَذهِ الْخَفَافِیش الَّتِی یَقْبضُهَا الضِّیَاءُ الْبَاسطُ لِکُلِّ شَیْءٍ وَ یَبْسُطُهَا الظَّلَامُ الْقَابضُ لِکُلِّ حَیٍّ، وَ کَیْفَ عَشیَتْ أَعْیُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْس الْمُضِیئَةِ نُوراً تَهْتَدی بهِ فِی مَذَاهِبهَا، وَ تَتَّصِلُ بعَلَانِیَةِ بُرْهَانِ الشَّمْس إِلَی مَعَارِفِهَا وَ رَدَعَهَا بتَلَأْلُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ الْمُضِیِّ فِی سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا وَ أَکَنَّهَا فِی مَکَامِنِهَا عَنِ الذَّهَاب فِی بُلَجِ ائْتِلَاقِهَا، فَهِیَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بالنَّهَارِ عَلَی حِدَاقِهَا وَ جَاعِلَةُ اللَّیْلِ سرَاجاً تَسْتَدلُّ بهِ فِی الْتِمَاس أَرْزَاقِهَا، فَلَا یَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ وَ لَا تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِیِّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ، فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَی الضِّبَاب فِی وِجَارِهَا أَطْبَقَتِ الْأَجْفَانَ عَلَی مَآقِیهَا وَ تَبَلَّغَتْ بمَا اکْتَسَبَتْهُ مِنَ الْمَعَاش فِی ظُلَمِ لَیَالِیهَا. فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّیْلَ لَهَا نَهَاراً وَ مَعَاشاً وَ النَّهَارَ سَکَناً وَ قَرَاراً.

وَ جَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَی الطَّیَرَانِ، کَأَنَّهَا شَظَایَا الْآذَانِ غَیْرَ ذَوَاتِ رِیشٍ وَ لَا قَصَبٍ، إِلَّا أَنَّکَ تَرَی مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَیِّنَةً أَعْلَاماً، لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا یَرِقَّا فَیَنْشَقَّا وَ لَمْ یَغْلُظَا فَیَثْقُلَا. تَطِیرُ وَ وَلَدُهَا لَاصِقٌ بهَا لَاجِئٌ إِلَیْهَا، یَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ وَ یَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ، لَا یُفَارِقُهَا حَتَّی تَشْتَدَّ أَرْکَانُهُ وَ یَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ وَ یَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَیْشهِ وَ مَصَالِحَ نَفْسهِ. فَسُبْحَانَ الْبَارِئِ لِکُلِّ شَیْءٍ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَیْرِه.[/hadith]