[hadith]اللَّهُمَّ سُقْیَا مِنْکَ مُحْیِیَةً مُرْوِیَةً، تَامَّةً عَامَّةً، طَیِّبَةً مُبَارَکَةً، هَنِیئَةً [مَریِئَةً] مَرِیعَةً، زَاکِیاً نَبْتُهَا، ثَامِراً فَرْعُهَا، نَاضِراً وَرَقُهَا، تُنْعِشُ بهَا الضَّعِیفَ مِنْ عِبَادکَ وَ تُحْیِی بهَا الْمَیِّتَ مِنْ بلَادکَ. اللَّهُمَّ سُقْیَا مِنْکَ تُعْشبُ بهَا نِجَادُنَا وَ تَجْرِی بهَا وِهَادُنَا وَ یُخْصِبُ بهَا جَنَابُنَا وَ تُقْبلُ بهَا ثِمَارُنَا وَ تَعِیشُ بهَا مَوَاشینَا وَ تَنْدَی بهَا أَقَاصِینَا وَ تَسْتَعِینُ بهَا ضَوَاحِینَا مِنْ بَرَکَاتِکَ الْوَاسعَةِ وَ عَطَایَاکَ الْجَزیلَةِ عَلَی بَرِیَّتِکَ الْمُرْمِلَةِ وَ وَحْشکَ الْمُهْمَلَةِ؛ وَ أَنْزلْ عَلَیْنَا سَمَاءً مُخْضِلَةً مِدْرَاراً هَاطِلَةً یُدَافِعُ الْوَدْقُ مِنْهَا الْوَدْقَ وَ یَحْفِزُ الْقَطْرُ مِنْهَا الْقَطْرَ، غَیْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهَا وَ لَا جَهَامٍ عَارِضُهَا وَ لَا قَزَعٍ رَبَابُهَا وَ لَا شَفَّانٍ ذهَابُهَا، حَتَّی یُخْصِبَ لِإِمْرَاعِهَا الْمُجْدبُونَ وَ یَحْیَا ببَرَکَتِهَا الْمُسْنِتُونَ، فَإِنَّکَ تُنْزلُ الْغَیْثَ مِنْ بَعْد ما قَنَطُوا وَ تَنْشُرُ رَحْمَتَکَ وَ أَنْتَ الْوَلِیُّ الْحَمِیدُ.

[قال السید الشریف رضی الله عنه: قوله (علیه السلام) «و لا قزع ربابها» القزع القطع الصغار المتفرقة من السحاب. و قوله «و لا شَفَّان ذهابها» فإن تقدیره و لا ذات شَفَّان ذهابها و الشَفَّان الریح الباردة و الذهاب الأمطار اللینة فحذف ذات لعلم السامع به].[/hadith]

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 74

ألّلهمّ سقیا منک محییة مرویة تامّة عامّة طیّبة مبارکة هنیئة مریئة مریعة زاکیا نبتها، ثامرا فرعها، ناضرا ورقها، تنعش بها الضّعیف من عبادک، و تحیی بها المیّت من بلادک. أللّهمّ سقیا منک تعشب بها نجادنا، و تجری بها وهادنا، و تخصب بها جنابنا، و تقبل بها ثمارنا، و تعیش بها مواشینا، و تندی بها أقاصینا و تستعین بها ضواحینا، من برکاتک الواسعة، و عطایاک الجزیلة علی بریّتک المرملة، و وحشک المهملة، و أنزل علینا سماء مخضلّة مدرارا هاطلة، یدافع الودق منها الودق، و یحفز القطر منها القطر، غیر خلّب برقها، و لا جهام عارضها، و لا قزع ربابها، و لا شفّان ذهابها حتّی یخصب لإمراعها المجدبون، و یحیا ببرکتها المسنتون، فإنّک تنزل الغیث من بعد ما قنطوا، و تنشر رحمتک، و أنت الولیّ الحمید. (24065- 23838)

قال السید رضی (ره)) قوله (انصاحت) جبالنا أی تشقّقت من المحول یقال انصاح الثوب إذا انشقّ و یقال أیضا انصاح النبت و صاح و صوح إذا جفّ و یبس کلّه بمعنی، و قوله (هامت دوابنا) أی عطشت و الهیام العطش و قوله (حدابیر السنین) جمع حدبار و هی الناقة التی انضاها السّیر فشبّه بها السّنة التی فشا فیها الجدب قال ذو الرّمة:

حدابیر ما تنفکّ إلّا مناخة         علی الخسف أو ترمی بها بلدا قفرا   

و قوله (و لا قزع ربابها) القزع الصغار المتفرّقة من السّحاب، و قوله (و لا شفان ذهابها) فانّ تقدیره و لا ذات شفّان ذهابها و الشفان الریح الباردة، و الذهاب الأمطار اللیّنة فحذف ذات لعلم السامع به (24188- 24073)

اللغة:

و (السّقیا) و زان فعلی بالضّم مؤنثة اسم من سقاه اللَّه الغیث أنزله له و (مرویة) من باب الافعال أو التفعیل و منه یوم الترویة لثامن ذی الحجّة لأنّ الماء کان قلیلا بمعنی فکانوا یرتوون من الماء لما بعد.

و (تعشب) بفتح المضارعة مضارع عشب و زان تعب أو بضمّها من باب الافعال یقال عشب الارض و اعشبت أی نبتت فهی عشیبة و عاشبة و معشبة أی کثیرة العشب

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 75

و یقال اعشبت الأرض أیضا أی انبتت العشب فتکون الهمزة للتعدیة و العشب بالضمّ الکلاء الرطب فی أوّل الربیع، و فی بعض النسخ تعشب بالبناء علی المفعول.

و (النجاد) بکسر الأوّل جمع نجد و هو ما ارتفع من الأرض و یجمع أیضا علی نجود کفلس و فلوس و (الوهاد) بکسر الأول أیضا جمع الوهد و هی المنخفضة من الارض و (خصب) الأرض من باب ضرب و علم و اخصبت أی اتّصفت بالخصیب و هو بکسر الخا کثرة العشب و رفاغة العیش و (الجناب) بفتح الجیم الفناء بالکسر و هو سعة امام البیت أو ما امتدّ من جوانبه، و یطلق الجناب علی الجانب من کلّ شی ء أیضا و (أرمل) فلان أی افتقر و فقد زاده.

و (اخضله) المطر أی بلّه و السّماء المخضلة أی تخضل النبت و تبلّه، و فی أکثر النسخ مخضلّة و زان مبیضّة من اخضلّ النبت اخضلالا أی ابتلّ و (حفزه) کضربه دفعه بشدّة (البرق الخلّب) المطمع المخلف و السحاب (الجهام) الذی لا ماء فیه و (العارض) السحاب الذی یعترض فی افق السّماء و (القزع) محرکة قطع من السّحاب متفرّقة جمع قزعة، و (الرّباب) بفتح الأوّل السّحاب الأبیض و (الذّهاب) بکسر الذال جمع الذّهبة بالکسر أیضا المطرة الضّعیفة و (مرع) الوادی بالضّم مراعة أخصب بکثرة الکلاء فهو مریع و الجمع امرع و أمرع مثل یمین و ایمن و أیمن.

و أرض محل- و محول- و محلة و ممحل و ممحلة أی اتّصفت بالجذب و انقطاع المطر- و انضاها السیر أی هزلها و- الحدابیر- فی بیت ذی الرّمة مما لم یذکره إلّا السید (ره)، و الموجود فی کتب الأدبیّة حراجیج و هکذا روی الشارح المعتزلی عن ابن الخشاب، و هی جمع حرجوج الناقة الضّامرة و- الخسف- الذلّ و البلد القفر لا ماء فیه و لا نبات.

الاعراب:

و سقیا منک، منصوب علی المصدر أیضا و نجادنا بالرفع فاعل تعشب و یروی بالنّصب فیکون مفعولا له بناء علی کونه من باب الافعال متعدّیا حسبما مرّ فی بیان اللغة.

و قوله علی بریّتک ظرف لغو متعلّق بالجزیلة أو الواسعة علی التنازع، و سماء مخضلة تأنیث الوصف رعایة للفظ الموصوف و إن کان المعنی مذکّرا، و جملة یدافع الودق منصوبة المحلّ صفة لسماء أو حال منها لکونها نکرة موصوفة أو من ضمیر هاطلة، و الوجهان جاریان فی نصب غیر خلب.

و أمّا بیت ذی الرّمة فقد اعترض علیه غیر واحد من علماء الأدبیة بکونه مخالفا للقواعد النحویة حیث أنّ شرط الاستثناء المفرّغ أن یکون فی الکلام الغیر الموجب و هذا الشرط مفقود هنا، لأنّ تنفکّ الناقصة مثل زال نفیها اثبات و اثباتها نفی فکما لا یجوز أن یقال ما زال زید إلّا قائما، فکذلک لا یجوز ما تنفکّ إلّا مناخة، و لذلک قال الاصمعی: إنّ ذا الرّمة غلط فی ذلک إذ لا یقال جاء زید إلّا راکبا.

و اجیب بوجوه: الاول أنّ الرواة غلطوا فیه و أنّ الروایة الصحیحة إلّا مناخة بالتنوین أی شخصا الثانی انّ تنفکّ تامّة بمعنی تنفصل فنفیها نفی أی ما تنفصل عن التّعب أو ما تخلص منه و مناخة حال من الضمیر فی تنفک أی لا تنفصل منه فی حالة من حالات إلّا فی حالة الاناخة الثالث أنها ناقصة و الخبر علی الخسف و مناخة حال.

قال ابن هشام: و هذا فاسد لبقاء الاشکال إذ لا یقال جاء زید إلّا راکبا یعنی أنّ الاشکال الذی هو وقوع الاستثناء المفرّغ فی الایجاب لا یرتفع بهذا الجواب بل هو باق بحاله.

و قد یعترض علیه بأنّ الاستثناء المفرّغ یقع فی الایجاب بشرطین کما صرّح به ابن الحاجب أحدهما أن یکون المستثنی فضلة لا عمدة، الثانی أن تحصل به فائدة فلا یجوز ضربت إلّا زیدا إذ من المحال أن یضرب جمیع الناس إلّا زیدا، و یجوز قرئت إلّا یوم کذا، لجواز أن یقرأ فی جمیع الأیام إلّا فی ذلک الیوم و علی

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 77

هذا فیرتفع الاشکال و لا یبقی بحاله لأنّ مناخة إذا کان خبرا کان عمدة و أمّا إذا کان حالا کان فضلة و کان الکلام مفیدا الرابع أنّ إلّا زائدة ذهب إلیه ابن جنّی و حکی عن الاصمعی کما ذهب إلیه ابن مالک قوله:

أری الدّهر الّا منجنونا بأهله          و ما صاحب الحاجات إلّا معذّبا   

 هذا، و قوله: من برکاتک، بدل من قوله: منک، أی سقیا من برکاتک، و مخضلة صفة لسماء و التانیث باعتبار لفظ الموصوف و إن کان باعتبار معناه أعنی المطر مذکرا، و جملة یحفر القطراه عطف تفسیر.

المعنی:

(اللّهمّ سقیا منک محییة) للموات (مرویة) للنّبات (تامّة) ثمراتها (عامة) برکاتها (طیّبة مبارکة هنیئة مریئة مریعة) أی سائغة لذیذة خصیبة واسعة (زاکیا) نامیا (نبتها ثامرا فرعها) أی یکون فرعها ذا ثمر (ناضرا ورقها) أی یکون ورقها ذا نضرة و حسن و بهجة (تنعش) و ترفع (بها الضعیف من عبادک و تحیی بها المیّت من بلادک اللّهمّ سقیا منک تعشب بها نجادنا) أی تنبت بها أراضینا المرتفعة (و تجری بها و هادنا) أی تسیل بها أراضینا المنخفضة المطمئنّة (و تخصب بها جنابنا) أی تکثر بها عشب فنائنا و جوانبنا (و تقبل بها ثمارنا و تعیش بها مواشینا و تندی) أی تنتفع بها (أقاصینا) و أباعدنا (و تستعین بها ضواحینا) و نواحینا (من برکاتک الواسعة و عطایاک الجزیلة) العظیمة الکثیرة (علی بریّتک المرملة) المفتقرة (و وحشک المهملة) المرسلة التی لا راعی لها و لا صاحب یشفق بها (و أنزل علینا سماء مخضلّة) مبتلّة (مدرارا هاطلة) أی کثیرة الدّرور متتابعة (یدافع الودق منها الودق و یحفز القطر منها القطر) أراد بذلک کثرتها و شدّتها و کونها أعظم و أغزر.

و أکّد ذلک بقوله (غیر خلب برقها و لا جهام عارضها و لا قزع ربابها و لا شفّان ذهابها) أی لا یکون برقها مطمعا مخلفا، و لا سحابها المعترض فی افق السّماء خالیا من الماء، و لا سحابها الأبیض قطعا متفرقة، و لا أمطارها اللّینة الضعیفة ذات ریح باردة بالزرع و النبت مضرّة و أراد بذلک کلّه عموم نفعها و کثرة منفعتها (حتی یخصب لا مراعها المجدبون) أی یتّصف أهل الجدب بالخصب و رفاغة العیش لکثرة کلائها (و یحیی ببرکتها المسنتون) الذین أصابتهم السنة و جهد القحط

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 82

(فانّک تنزل الغیث من بعد ما قنطوا و تنشر رحمتک) و هذا اشارة إلی حسن الظنّ باللّه و عدم القنوط و الیأس من روح اللّه (و أنت الولیّ) للنعم و الاحسان و (الحمید) بالکرم و الامتنان و أنت علی کلّ شیء قدیر و بالاجابة حقیق جدیر.

تکملة:

ینبغی أن نورد تمام تلک الخطبة علی ما فی الفقیه و نتبعها بتفسیر بعض ألفاظها الغریبة، فأقول: قال الصّدوق (ره): و خطب أمیر المؤمنین علیه السّلام فی الاستسقاء فقال:

الحمد للّه صابغ النّعم، و مفرّج الهمّ، و باری ء النّسم، الذی جعل السماوات لکرسیّه عمادا، و الجبال للأرض أوتادا، و الأرض للعباد مهادا، و ملائکته علی أرجائها، و عرشه علی أمطائها، و أقام بعزّته أرکان العرش، و أشرق بضوئه شعاع الشّمس، و أحیا بشعاعه ظلمة الغطش الدیاجیر، و فجر الأرض عیونا، و القمر نورا و النّجوم بهورا ثمّ علا فتمکّن، و خلق فأتقن، و أقام فتهیمن، فخضعت له نخوة المستکبر، و طلبت إلیه خلّة المتمسکین «المتمکن خ»، اللّهم فبدرجتک الرفیعة و محلّتک المنیعة و فضلک السابغ، و سبیلک الواسع، أسئلک أن تصلّی علی محمّد و آل محمّد کما دان لک، و دعا إلی عبادتک، و وفا بعهدک، و أنفذ أحکامک، و اتّبع أعلامک، عبدک و نبیّک و أمینک علی عهدک إلی عبادک القائم بأحکامک، و مؤیّد من أطاعک و قاطع عذر من عصاک، اللهمّ فاجعل محمّدا أجزل من جعلت له نصیبا من رحمتک، و أنضر من أشرق وجهه بسجال عطایاک، و أقرب الأنبیاء زلفة یوم القیامة عندک، و أوفرهم حظّا من رضوانک، و أکثرهم صفوف امّة فی جنانک، کما لم یسجد للأحجار، و لم یعتکف للأشجار، و لم یستحلّ السباء، و لم یشرب الدّماء.

اللّهمّ خرجنا إلیک حین فاجأتنا المضایق الوعرة، و ألجأتنا المحابس العسرة و عضّتنا علائق الشّین، و تأثلت علینا لواحق المین، و اعتکرت علینا حدابیر السنین و أخلفتنا مخائل الجود، و استظمأنا لصوارخ القود، و کنت رجاء المبتئس، و الثقة للملتمس، ندعوک حین قنط الأنام، و منع الغمام، و هلک السّوام، یا حیّ یا قیّوم،

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 83

عدد الشجر و النجوم، و الملائکة الصّفوف، و العنان المکفوف، ألا تردّنا خائبین و لا تؤاخذنا بأعمالنا، و لا تخاصمنا بذنوبنا، و انشر علینا رحمتک بالسّحاب المنساق و النبات المونق، و امنن علی عبادک بتنویع الثمرة، و أحی بلادک ببلوغ الزّهرة، و اشهد ملائکتک الکرام السفرة، سقیا منک نافعة دائمة غزرها واسعا درّها، سحابا وابلا، سریعا عاجلا تحیی به ما قد مات و تردّ به ما قد فات، و تخرج به ما هو آت.

اللهمّ اسقنا غیثا مغیثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوقه، منبجسة بروقه، مرتجسة هموعه، و سیبه مستدّر، و صوبه مستطر، لا تجعل ظلله علینا سموما، و برده علینا حسوما، وضوئه علینا رجوما، و مائه أجاجا، و نباته رمادا رمددا.

اللّهمّ انّا نعوذ بک من الشّرک و هوادیه، و الظلم و دواهیه، و الفقر و دواعیه یا معطی الخیرات من أماکنها، و مرسل البرکات من معادنها، منک الغیث المغیث و أنت الغیاث المستغاث، و نحن الخاطئون و أهل الذنوب، و أنت المستغفر الغفار، نستغفرک للجهالات من ذنوبنا، و نتوب إلیک من عوامّ خطایانا اللهمّ فأرسل علینا دیمة مدرارا، و اسقنا الغیث و اکفا مغزارا، غیثا واسعا و برکة من الوابل نافعة، تدافع الودق بالودق، و یتلو القطر منه القطر، غیر خلّب برقه و لا مکذب رعده، و لا عاصفة جنائبه، بل ریّا یقصّ بالرّیّ ربابه، و فاض فانضاع به سحابه، جری آثار هیدبه جنابه، سقا منک مجلبة «محییة خ» مرویة مفضلة محفلة زاکیا نبتها، نامیا زرعها، ناضرا عودها، ممرعة آثارها، جاریة بالخصب و الخیر علی أهلها، تنعش بها الضّعیف من عبادک، و تحیی بها المیّت عن بلادک، و تنعم بها المبسوط من رزقک، و تخرج بها المخزون من رحمتک، و تعمّ بها من نأی من خلقک حتی یخصب لا مراعها المجدبون، و یحیی ببرکتها المسنتون، و تترع بالقیعان غدرانها، و تورق ذری الآکام زمراتها، و یدهام بذری الآجام شجرها، و یستحقّ علینا بعد الیأس شکرا منّة من مننک مجللة، و نعمة من نعمک مفضلة علی بریّتک المرملة، و بلادک المعرنة، و بهائمک المعملة، و وحشک المهملة

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 84

اللهم منک ارتجاؤنا، و إلیک مآبنا، فلا تحبسه علینا لتبطنک سرائرنا، و لا تؤاخذ بما فعل السّفهاء منّا، فانّک تنزل الغیث من بعد ما قنطوا و تنشر رحمتک و أنت الولیّ الحمید.

ثمّ بکی علیه السّلام فقال: سیّدی صاحت جبالنا، و اغبرت أرضنا، و هامت دوابنا و قنط الناس منّا أو من قنط منهم، و تاهت البهائم، و تحیّرت فی مراتعها، و عجّت عجیج الثّکالی علی أولادها، و ملّت الدّوران فی مراتعها حین حبست عنها قطر السّماء، فدقّ لذلک عظمها، و ذهب لحمها و ذاب شحمها، و انقطع درّها.

اللهمّ ارحم أنین الآنّة، و حنین الخانّة، ارحم تحیّرها فی مراتعها، و أنینها فی مرابضها، هذا.

 (و یعجبنی) أن اردف هذه الخطبة الشریفة بخطبتی السیّدین الجلیلین الامامین الهمامین النّورین النّیرین أبی محمّد الحسن و أبی عبد اللّه الحسین علیهما و علی جدّهما و أبیهما و الطیبین من آلهما صلوات اللّه و سلامه ملاء الخافقین، لیعلم أنّ کلامهما تالی کلام أبیهما فی الفصاحة، و أنّ الکلّ قد بلغ الغایة فی البراعة و البلاغة.

«وَ مَثَلُ کَلِمَةٍ طَیِّبَةٍ کَشَجَرَةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُها ثابتٌ وَ فَرْعُها فِی السَّماءِ تُؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِینٍ بإِذْنِ رَبِّها».

قال فی الفقیه: و جاء قوم من أهل الکوفة إلی علیّ علیه السّلام فقالوا یا أمیر المؤمنین ادع لنا بدعوات فی الاستسقاء، فدعا علیّ علیه السّلام الحسن و الحسین علیهما السّلام فقال: یا حسن ادع، فقال الحسن علیه السّلام:

اللهمّ هیّج لنا السحاب بفتح الأبواب، بماء عباب، و رباب بانصباب و انسکاب یا وهاب، و اسقنا مطبقة مغدقة مونقة، فتح اغلاقها، و سهل اطلاقها، و عجل سیاقها بالأندیة فی الأودیة یا وهّاب، بصوب الماء یا فعّال، اسقنا مطرا قطرا ظلا مظلّا طبقا مطبقا عاما معما رهما بهما رحیما رشا مرشا واسعا کافیا عاجلا طیبا مبارکا سلاطح بلاطح یناطح الأباطح مغدودقا مطبوقا مغرورقا، و اسق سهلنا و جبلنا،

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 85

و بدونا و حضرنا، حتی ترخص به أسعارنا، و تبارک به فی ضیاعنا و مدننا أرنا الرزق موجودا و الغلا مفقودا، آمین ربّ العالمین.

ثمّ قال للحسین علیه السّلام: ادع، فقال الحسین علیه السّلام اللهمّ معطی الخیرات من مظانها، و منزل الرحمات من معادنها، و مجری البرکات علی أهلها، منک الغیث المغیث، و أنت الغیاث و المستغاث، و نحن الخاطئون و أهل الذنوب، و أنت المستغفر الغفار، لا إله إلّا أنت، اللهمّ أرسل السماء علینا دبمة مدرارا، و اسقنا الغیت و اکفا مغزارا، غیثا مغیثا واسعا مسبغا مهطلا مریئا مریعا غدقا مغدقا عبابا مجلجلا صحا صحصا حابسا بساسا مسبلا عاما ودقا مطفاحا، تدفع الودق بالودق دفاعا و یطلع القطر منه القطر غیر خلّب البرق، و لا مکذب الرعد، تنعش بها الضعیف من عبادک، و تحیی به المیت من بلادک، و تستحق علینا مننک آمین ربّ العالمین.

فما تمّ کلامه علیه السّلام حتّی صبّ اللّه الماء صبا، فسئل سلمان الفارسی فقیل یا أبا عبد اللّه هذا شیء علماه؟ فقال (رض) ویحکم ألم تسمعوا قول رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم حیث یقول: اجریت الحکمة علی لسان أهل بیتی.

بیان:

«النّسم» جمع النّسمة محرکة و هی الانسان و «الأرجاء» جمع الرّجاء و هی الناحیة و «الأمطاء» جمع المطاء و هو الظهر و الضمیر فی ضوئه راجع إلی العرش کما روی أن نور الشّمس من نور العرش و «غطش» اللّیل أظلم، قال الطریحی و فی الحدیث اطفأ بشعاعه ظلمة الغطش أی ظلمة الظلام و «الدیاجیر» جمع الدّیجور و هو الظلام و لیلة دیجور أی مظلمة و «البهور» المضیء و «المهیمن» من أسمائه تعالی القائم علی خلقه بأعمالهم و آجالهم و أرزاقهم و قیل: الرّقیب علی کلّ شیء.

و «النخوة» بالفتح فالسّکون الافتخار و التعظم و «الخلّة» الفقر و الخصاصة و «المستمسکین» الطّالبون للمسکة و هو بالضم ما یمسک الأبدان، من الغذاء و الشراب، و فی بعض النسخ المتمسّکین أی المعتصمین به و «السّجال» دلو عظیم مملوّة، و الکاف فی قوله «کما لم یسجد» للتعلیل علی حدّ قوله تعالی: و اذکروه کما هدیکم، أی لأجل هدایتکم.

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 86

و «السّباء» بالکسر و المدّ الخمر و «الوعر» ضدّ السهل و «العسرة» الصّعبة الشّدیدة و «الشّین» خلاف الزّین، و قیل ما یحدث فی ظاهر الجلد من الخشونة یحصل به تشویه الخلقة و «تأثلّت» علینا أی اجتمعت و «المین» الکذب و «القود» بالفتح الجمل المسن و هو الذی جاوز فی السن الباذل، قال الطریحی: و فی حدیث الاستسقاء و استظماءنا لصوارخ القود، أی ظمأنا من ظمأ ظماء مثل عطش عطشا و زنا و معنی و القود الخیل.

و قوله «عدد الشجر» من متعلّقات ندعوک قال الجوهری «عنان» السّماء هو ما عنّ لک منها أی بدا إذا رفعت رأسک و «زهر» النّبات نوره الواحدة زهرة کتمر و تمرة و قد تفتح الهاء و «الغزر» شدة النفع و عمومه و «غیثا مغیثا» أی مطرا نافعا و «ممرعا» أی خصیبا واسعا و «طبقا» أی مغطیا للأرض ما لئالها کلّها، من قولهم غیم طبق أی عام واسع أی من طبق الغیم تطبیقا إذا أصاب بمطره جمیع الأرض و مطر طبق أی عام.

و «مجلجلا» أی مشتملا علی الجلجلة و هو صوت الرعد و «خفق» المطر خفوقا إذا سمع دویّ جریه و «منبجسة بروقه» أی منفجرة بروقه بالماء من الانبجاس و هو الانفجار قال سبحانه: «فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً».

و «مرتجسة هموعه» الهموع بالضّم السّیلان أی یکون هموعه مشتملة علی الرّجس و هو بالفتح الصّوت الشدید من الرّعد یقال رجست السّماء رعدت شدیدا و تمخضت و «السّیب» بالفتح مصدر ساب أی جری و مشی مسرعا، و بالکسر مجری الماء و «الصّوب» الانصباب و «المستطر» المنتشر و «الظلل» جمع الظلة و هی ما واری الشّمس منه من السّحاب و «الحسوم» بالضّم الشؤم و «رماد رمدد» کز برج و درهم کثیر دقیق جدّا أو هالک و «الهوادی» الأوائل جمع الهادی

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 87

و «الدّواهی» جمع الدّاهیة و هی النائبة و المصیبة و «عوامّ خطایانا» و زان دواب و الظّاهر أنّه جمع عام قال فی القاموس: و التعویم وضع الحصید قبضة فاذا اجتمع فهی عامة و الجمع عام و «درّ» السماء بالمطر درّا درورا فهی مدرار و «و کف» البیت یکف قطر، و کف البیت بالمطر سال و «عاصفة جنائبه» قال الطریحی کانّه یرید الرّیاح الجنوبیة فانها تکثر السّحاب و تلحق روادفه بخلاف الشمالیة فانها تمزقه و «الرّی» بالکسر اسم من روی من الماء ریّا و ریّا بالفتح و الکسر و «یقص بالرّی» أی یرجع و «الفیضان» السّیلان و «الانضیاع» التحرّک أو من انضاع الفرخ بسط جناحیه إلی امّه لتزقّه و «الهیدب» السحاب المتدلی و «الجناب» الفناء و الناحیة و «محفلة» من حفل الماء و اللبن اجتمع و الوادی بالسیل جاء بملی ء جنبیه و السماء اشتدّ مطرها و «من نأی من خلقک» أی من تباعد منهم عن ذکر اللّه من النّای و هو البعد.

 «و تترع بالقیعان غدرانها» أی تملاء، و القیعان جمع القیعة و هی کالقاع ما استوی من الأرض، و الغدران جمع الغدیر و هو النهر و «الآکام» کأعناق جمع اکمه و هو التّلّ الصّغیر و «الزمرة» الجماعة و الباء فی قوله «بذری الآجام» للظرف و «بلادک المعرنة» من عرنت الدّار عرانا بعدت و دیار عران و عارنة بعیدة «و بهائمک المعملة» أی المعدّة للعمل یقال ناقة عملة کفرحة بیّنة العمالة فارهة و العوامل لبقر الحرث و «لتبطنک سرائرنا» مصدر باب التفعل أی لوقوفک علی بواطن سرائرنا و «عباب» الماء معظمه و «اسقنا مطبقة مغدقة مونقة» المطبقة السّحابة بعضها علی بعض و المغدقة بالغین المعجمة و الدّال المهملة الکثیرة الغزیرة، و المونقة المفرحة من الانق و هو الفرح و السّرور أو المعجبة.

و «الأندیة» جمع الندی و هو المطر و «الظلّ» من السّحاب ما ورای الشّمس منه أو سواده و «المظلّ» صاحب الظلّ و «طبقا مطبقا» أی مطرا عاما مغطیا للأرض و «عاما معمّا» أی مطرا شاملا یعمّ بخیره قال فی القاموس یقال عمّهم

منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة (خوئی)، ج 8، ص: 88

بالعطیة و هو معمّ خیّر بکسر أوّله یعمّ بخیره و عقله و «رهما» وزان عنب جمع رهمة بالکسر و هی المطرة الدّائمة و یقال الرهمة أشدّ دفعا من الدّیمة.

و «البهیم» الخالص الذی لم یشبه غیره و «الرّحیم» مبالغة فی الرّاحم من رحمت زیدا رحمة رفقت له و حننت و «رشّت» السّماء امطرت و أرشّت بالهمزة لغة و منه مرشّا و رشّ الماء صبّه قلیلا قلیلا و «سلاطح بلاطح یناطح الأباطح» السلاطح بالضّم و زان علابط العریض، قال الفیروز آبادی و سلاطح بلاطح اتباع، و قال الطریحی السّلطح الصلطح الضخم و البلطح کبلاح الذی یضرب بنفسه الأرض، و السلاطح و الصّلاطح کعلابط العریض و قوله علیه السّلام فی الاستسقاء: سلاطح بلاطح یناطح الأباطح یرید کثرة الماء و قوّته و فیضانه و حینئذ فلا حاجة إلی جعل بلاطح من الاتباع کشیطان لیطان انتهی.

و «نطحه» نطحا ضربه و أصابه بقرنه و «الأباطح» جمع الأبطح و هو مسیل واسع فیه دقاق الحصی و «الدیمة» بالکسر المطر یدوم فی سکون بلا رعد و برق أو تدوم خمسة أو ستّة أو سبعة أو یوما و لیلة و «مهطلا» أی متتابعا من الهطل و هو تتابع المطر المتفرّق العظیم القطر و «صحّا صحصاحا» الصحّ بالضم البراءة من کلّ عیب و صحصاحا قال الطریحی کأنّه أراد مستویا متساویا و «بسّا بساسا» البس بالفتح ارسال الماء و تفریقها فی البلاد و البساس مبالغة فیه و «مطفاحا» من طفح الأناء امتلاء و ارتفع و طفاح الأرض ملاءها هذا. و اللّه العالم بحقایق کلام أولیائه علیهم السّلام.

الترجمة:

بار خدایا آب ده ما را آب دادنی از جانب خود که زنده سازد زمین مرده را و سیراب گرداننده باشد و متصف شود بتمامی و عموم منفعت و پاکیزگی و ببرکت و گوارائی و وسعت، در حالتی که نمو کننده باشد گیاه آن، میوه دهنده باشد شاخ آن، تر و تازه باشد برگ آن که بلند نمائی بآن، و قوّت دهی عاجز و ذلیل را از بندگان خود، و زنده سازی بآن مرده را از شهرهای خود.

بار خدایا آب ده ما را آب دادنی از نزد خود که پرگیاه شود بآن زمینهای بلند ما، و جاری شود بآن زمینهای نشیب ما، و بفراخ سالی در آید بسبب آن اطراف و جوانب ما و روی آورد و اقبال کند بجهة آن میوهای ما، و زندگانی نماید بآن چهار پایان ما، و نمناک بشود بآن جماعتی که از ما دورند، و استعانت جویند بآن مردمانی که در نواحی ما هستند از برکتهای با وسعت خودت و عطاهای بزرگ خودت بر مردمان صاحب احتیاج خود، و حیوانات وحشی بی صاحب خود، و نازل کن بر ما باران تر کننده بارنده بسیار ریزان که دفع کند باران بزرگ قطره دیگر را از غایت شدّت، و برانگیزاند قطرها از آن قطرهای دیگر را در حالتی که نباشد برق آن طمع آورنده و خلف کننده، و نه ابر پهن شده در کنار آسمان آن خالی از آب، و نه ابرهای سفید آن پارهای کوچک کوچک، و نه بارانهای نرم آن صاحب بادهای خنک، تا آنکه فراخ سالی یابند بجهة بسیاری گیاههای آن قحط یا بندگان، و زنده شوند ببرکت آن سختی کشیدگان، پس بدرستی که تو فرو فرستی باران را از پس آنکه نومید میشوند مردمان، و پراکنده می سازی رحمت خود را بر عالمیان، و توئی ولیّ نعمتها، و ستوده در صفتها.